بقلم – ريم أبو عيد
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا” صدق الله العظيم. في هذه الآية الكريم من كتاب الله عز وجل جاء السؤال الروح التي ذكرها الله بأل التعريف دلالة على أنها معرفة ومحددة فالروح من أمر الله وحده سبحانه وتعالي لا يستطيع أي مخلوق مهما أوتي من العلم أو القدرة أن يهبها لأي من المخلوقات، فالإنسان وهو مخلوق من مخلوقات الله قد يمكنه نحت تماثيل ولكن من الاستحالة أن ينفخ في أي منهم الروح لتصبح كائنا حيا.
فالحياة أساسها الروح التي تسكن الجسد، والروح أمر إلهي صرف لله الواحد الأحد. فهل الإنسان وحده هو من تسكن جسده نفحة من روح الله؟ الإجابة بالتأكيد لا. فالحيوانات أيضا هي خلق الله وتحمل نفحة من هذه الروح المطلقة روح الله الخالق، وهذه الحيوانات قال عنها الله في كتابه الذي لا ريب فيه “وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم”، أي أن حيوانات الشارع هي أمم أمثال أمة بني آدم، والاعتداء عليها وإبادتها هو اعتداء على روح الله التي نفخها في أجسادهم من روحه عز وجل، والله لا يحب المعتدين كما قال في أكثر من موضع في القرآن.
مما يعني أن قتل وإبادة هذه الحيوانات التي بالتأكيد لم يخلقها الله عبثا وأوجدها في الشارع لحكمة ما، أمر يستوجب كراهية الله لفاعله، أي أنه أمر عظيم وجلل أن يفعل المرء فعلا يستوجب كراهية الله له. ولو لم يكن لوجود الحيوانات في العموم ضرورة وأهمية في الحياة لما أمر الله سيدنا نوح وقت حدوث الطوفان، أن يحمل معه في سفينته من كل زوجين اثنين حفظا لوجودهم على الأرض. الأرض التي في الأساس هي ملك لله، فلا يحق لبشر أن يقرر مَن مِن المخلوقات يبقى عليها ومن منهم يفنى منها، ولو لم يرغب الخالق في وجود حيوانات الشارع من كلاب وقطط في الشارع لما أوجدهم فيه، ولجعلهم يعيشون في الغابات والبراري فقط كالضواري والوحوش.
لذلك فما يحدث من اعتداءات يومية في الشارع المصري في حق هذه الحيوانات سواء حملات التسميم تلك التي يقوم بها بعض موظفي الدولة من الهيئة البيطرية أو بعض أفراد المجتمع لرفضهم وجود هذه الحيوانات في الشارع يعد في المقام الأول سوء أدب مع الخالق، بخلاف أنه جريمة اعتداء على أمم قال عنها الله أنها أمم أمثالنا نحن – بني البشر -، أمة تسبح لله كما قال في كتابه “وإن من شيء إلا يسبح بحمده”. الأمر الذي يعني أيضا أن من يرتكبون هذا الإثم العظيم وإنما يبيدون أمة تسبح بحمد الله، فلا عجب إذن أن يتنشر الفساد والشر في الأرض بسبب طغيانهم ذاك وبسبب جرائمهم تلك، مما يحدث خللا ليس فقط في النظام البيئي الذي وضعه الله للكون ولكن أيضا للنظام الطاقي.
فقتل المخلوقات التي خلقها الله على الفطرة النقية والتي تسبح بحمده يقلل من الطاقة الإيجابية في الكون ويعطي مساحة أكبر لانتشار الطاقة السلبية، فلا عجب إذن أن يصاب بنو البشر بالأوبئة الصحية والآفات الأخلاقية، ولا عجب أيضا أن تصبح معيشتهم ضنكا، فمن يعتدي على روح الله بغير حق، ومن لا يحبه الله لأنه معتد، فبلا شك ستضيق الأرض عليه مهما رحبت. فكيف لمجتمع يدعي الإيمان وخشية الله أن يتجرأ على الإفساد في الأرض على هذا النحو، وكيف لأناس فقدوا كل معاني الرحمة والإنسانية أن يرفعوا أكفهم للسماء متضرعين إلى الله أن يرحمهم؟ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ .