البرامج الحوارية المتلفزة بين
الاسئلة الجاهزة والافكار المتعددة
د. حسين الأنصاري
فهناك برامج تتختص بحوار الرأي والتي تهدف إلى معرفة رأيا محددا حول موضوع او حدث او مشكلة ما في مجال اجتماعي او اقتصادي او نفسي او سياسي ، وهذا يتم من خلال ضيف متخصص بهذا الموضوع. وهناك برنامج حواري يقصد منه الحصول على معلومات حول مسألة ما وهنا ينبغي ان تكون المعلومة حقيقية موثوق بها من خلال الوثائق والوقائع والأرقام والشواهد. لكي تحقق عنصر القناعة لدى المتلقي حول القضية المطروحة للحوار
وثمة نوع آخر من البرامج الحوارية إلا وهي حوار الشخصيات التي يتم فيها استضافة شخصية معينة لها إنجازها في مجال ما ثقافي او رياضي او اقتصادي او طبي وما إلى ذلك ويتم التعريف بمسيرتها ومراحل تطورها ومواقفها ورؤيتها للواقع واستشراف المستقبل بما ينفع المشاهد ويتمتع بهذا الحوار ، والنوع الرابع من البرامج الحوارية هو ما يتعلق ببرامج الرواية او الشهادة المباشرة حول حدث او موقف ما بحيث يكون هذا الشخص مواكبا للحدث وشاهدا على ما وقع فيه هنا يدلي الضيف بما شاهده وعاصره بكل امانة ودقة ووضوح لكي يؤكد او يرفض ما يشاع حول ذلك ، لكن ما نراه اليوم ونحن. نشاهد هذا الكم الهائل من هذه البرامج التي باتت تمطرها علينا القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي لسهولة تنفيذها بتوفر معطيات وتقنيات الاتصال الجديد سواء داخل الاستوديو او التحاور عبر الأقمار الاصطناعية
لكن الملاحظ حول معظم هذه البرامج هو وقوع اغلبها في النمطية والتكرار نتيجة غياب المهنية لدى البعض من المعدين او المقدمين وعدم فهمهم لخصوصية ونوع البرنامج وتوجهه واهدافه التي تتطلب من المعد او المقدم ان يكون عارفا بتفاصيل ومراحل الإعداد وطريقة توجيه الاسئلة وتسلسل بناء المعلومة من خلال السبب والنتيجة والدافع وكيفية توليد الجديد من الإضافات المعرفية للمشاهد وتجاوز المألوف والمعلومات المكررة والاسئلة التقليدية الرتيبة او فرض الأفكار والاراء الجاهزة وإرغام الضيف على تبنيها او مقاطعته في لحظات لا يكمل فيها الفكرة المطلوبة بحيث يشعر الضيف وكأنه بتحقيق في محكمة وليس برنامج حوار ورأي متبادل اضافة لذلك يتم احيانا اخضاع بعض اجزاء من الحوار للمونتاج او اجتزاء بعض العبارات اتصلح عناوين بما يتناسب مع افكار جهة الإنتاج وهذا ما اصبح سائدا اليوم مما يجعل المشاهد يسىء الظن بالشخص الذي تتم محاورته او يكون احد عناصر البرنامج الحواري وبالتالي لا يتم تقديم رأيه او ما يدلي به من معلومات وفقا لما يراه ويعتقده هو بل يوظف كلامه لما يتسق وتوجه القناة فحين تكون سياستها معارضة للنظام يحاول ان يلوي عنق الحوار باتجاه المعارضة او حين تكون القناة موالية للنظام يسعى المذيع المحاور ان يكسب االرأي لصالح مدح النظام وهو بهذا يعتقد انه قد لبى جانبا من أهداف الجهة التي يعمل لديها لكنه في الوقت ذاته لا يعلم انه سوف يخسر الجمهور الواسع والذي يدرك ويفهم مقاصد كل كلمة تقال وما يكمن وراء هذا الحوار وقصدية السؤال وهذا ما نتعرض له احيانا حين توجه لنا دعوات حوار في بعض البرامج خصوصا عندما لا يكون هناك تنسيقا حول المحاور او الموضوع الذي سيكون محورا لحلقة البرنامج.
لذا ندعو الزملاء معدي ومقدمي البرامج الحوارية بمختلف أنواعها اعادة النظر بمستوى الاداء شكلا ومضمونا والاهتمام بتطور البرنامج من حلقة لأخرى في ما يخص اختيار الأفكار والمضامين الرصينة واحترام ذوق الجمهور ومده بالمعلومات والأخبار الحقيقية واحترام آراء الضيوف رغم اختلاف الرأي وهذا ما يحقق القناعة لدى المشاهد ويمنح البرنامج المصداقية والمتابعة وتحقيق الرسالة الإعلامية المنشودة .