بقلم د – شيرين العدوي
قبل أن أكمل حديثى عن سلسلة الموضوعات التى تهم المرأة والرجل على حد سواء التى بدأتها بموضوع زواج عرفى الذى علا صداه فى المجتمع. سأتوقف عند آية قرآنية تخص مصطلح «ملك اليمين» فى سورة النساء حتى لا يتخذ ذريعة لضياع الحقوق فى العصرالحديث تحت غطاء زواج «ملك اليمين» الذى انتشر بين الشباب المطلَّق.
فملك اليمين فى القرآن: المرأة التى سبيت فى الحرب وهى تعمل فى بيت سابيها بعد توزيع الغنائم، أو الجارية التى تخرج للعمل فى البيوت بسبب رقة الحال، أوالأمة التى تباع وتشتري.ولم يكن هذا الأمر معمولا به فى الإسلام فقط ولا خاصا بالمجتمع العربى بل كان معمولا به فى كل العالم إثر الحروب وغيرها من المعاملات الإنسانية.
ولما جاء الإسلام نظم المعاملات خصوصا مع النساء السبايا لأنهن الفئة الأضعف فطلب ممن لا يستطيع من الرجال الزواج من المحصنات أن يتزوج ممن ملكت أيمان المسلمين ولكن بعد إذن أهلهن وبكل الحقوق فقالت الآية:«..ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان..» أى استأذنوا فى زواجهن واطلبوهن من أهلهن وأعطوهن مهورهن ولا تتخذونهن أخدانا.
والخدن:الخليل المتخذ للشهوة أى لا تخلو بهن فى السر من أجل الشهوة. أيُّ تكريم هذا لملك اليمين؟!بل إن آية التعدد أيضا لم تجعل التعدد مشروعا بصفة مطلقة كما يعتقد البعض، ولكنها وردت فى مقام تغليظ أكل أموالهن؛حيث توضح أن يتم الزواج من يتامى النساء اللائى تتعاملون فى أموالهن ثم خوّفهن من عدم العدل فقال:«فواحدة» من اليتامى أو ممن «ملكت أيمانكم» والتخيير هنا جاء فى التعدد على الحالين:اليتامى من النساء أو مما ملكت أيمانكم،وأربعة فقط منهن أو واحدة إذا أخذنا بظاهر القول أما الفهم العميق فيأخذنا إلى أن المقصود بالآية هو التوبيخ على أكل أموال اليتامي.
مع بعد الناس عن الدين فهم أن الرجل يستطيع أن يتخذ ما شاء من ملك اليمين دون حساب. وقد فتح هذا الباب لبعض الرجال ضعاف النفوس أن يتخذوا ما شاءوا من النساء فى موضة ملك اليمين وتنخدع بعض الغافلات دون أن يعلمن أنه يعدد بلا حساب ولا أجر، ولذلك وجب أن أنبه لهذا الخلل المجتمعى وهذا واجبى ككاتبة.
والزواج فى الإسلام بسيط جدا ولا يحتاج لكل هذه الضجة فشروطه الصحيحة للبكرالرضا والقبول من الطرفين، وأن يكون هناك ولى للبكرلصغرها إذ ربما يتم التلاعب بمشاعرها ويضيع حقها،ثم الأجرأى المهر، والشهود حتى لا تضيع الحقوق، والإشهار لدرء شبهة الزنا، وقد أوصى الرسول بالضرب بالدفوف أى الغناء من أجل الإشهار ومباركة العروسين، ثم البناء بالزوجة أى انتقالها لبيته الذى يؤسسه لها وكل على حسب مقدرته.
وأن يكون هناك هدية من الزوج للزوجة وهى الشبكة التى يسميها الغرب خاتم الزواج وقد شدد الرسول على ذلك فى قوله لأحد فقراء المسلمين (التمس ولو خاتما من حديد)، وهذا فى مقام التشديد على الإهداء وليس العكس أي: اهدها بما يُطيِّب خاطرها بسماحة نفس.لم تكن الكتابة منتشرة فى عهد الرسول ولذلك كل هذه الإجراءات كانت بمثابة توثيق. فإذا كتب الناس بينهم الآن سواء عرفيا أو عند مأذون فيجب الاعتراف به حتى لا تضيع الحقوق طالما اكتملت أركانه وكان عليه شهودعدول. وللحديث بقية.