الخلافات العربية العربية والعربية الإسلامية “النزاعات والمحاور” وانعكاسها على القضية الفلسطينية

الخلافات العربية العربية والعربية الإسلامية “النزاعات والمحاور” وانعكاسها على القضية الفلسطينية

بقلم د عبد الله الأشعل

يوفر الإطاران الداخلي والإقليمي حاضنه مهمة للقضية الفلسطينية، تجعل الأطراف الفلسطينية تصمد أمام مكر إسرائيل وكيدها، وقد بيتت النية على تنفيذ المشروع الصهيوني، الذي يزعم أن اليهود أحق بفلسطين من أهلها. كما عمدت إسرائيل إلى التدليس والتظاهر بالسلام، وبذلك عاشت إسرائيل بالظاهر الذي تقدمه للعالم كله، بما في ذلك البيئة المحيطة، على خلاف الباطن الذى تضمره، وهو العمل على الاستئثار بفلسطين وحدها، لذلك فإن السلام يعني لها تحقيق مشروعها، في المقابل لم يدرك العرب ذلك، مما ساهم في إغراء إسرائيل بفلسطين بشكل أكبر.
عند قيام إسرائيل كان السائد هو الحاضنة الإسلامية، ولذلك تلخصت فلسطين في المسجد الأقصى، وحينها نصح وزير الدفاع الأمريكي جون فورستال الرئيس ترومان، بعدم دعم إسرائيل مخافة الغضب الإسلامي. وهكذا ظهر البعد العربي بعد البعد الإسلامي، وعندما رفع جمال عبد الناصر في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، شعارات القومية العربية والوحدة العربية، وترددت أصداء هذه الشعارات في أحزاب قومية، شكلت التيارات القومية المتناحرة. وما دام بعض الدول العربية كانت تحكم بأحزاب قومية، فإن الصراع بينها كان حزبيا وأيديولوجيا داخل التيار القومي الواحد، ولذلك ليس مستغربا قطْع العلاقات الدبلوماسية بين مصر العروبية وبين معظم الدول العربية. ولم تندمج الدول الإسلامية مع الدول العربية إلا بعد كارثة 1967، وأصبحت القضية الفلسطينية عربية أولا ثم إسلامية، ومن هذا المنطلق ظهرت فتح عام 1965، لتعبر عن المقاومة العربية ضد إسرائيل في الأردن ولبنان، وعندما نشأت منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969 في القمة الإسلامية في الرباط، انضم البعد الإسلامي إلى البعد العربي.
والمراقب للقضية الفلسطينية يدرك حساسيتها، خاصة وأن أطرافها الأساسية هي إسرائيل والولايات المتحدة والتي أخضعت الحكام العرب للمشيئة الإسرائيلية، كمثال على ذلك تعتبر الولايات المتحدة السودان وغيرها من الدول التي فتحتها إسرائيل وهربت منها العروبة تحقيقا لأهدافها الأساسية فقد جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، أثناء إحدى زياراته لمصر أن التسييد الإسرائيلي في المنطقة هو الهدف النهائي للولايات المتحدة.
ذلك يجعلنا نطرح سؤالا هاما هل يمكن أن تكون الولايات المتحدة وهي منحازة انحيازا مطلقاً لإسرائيل وسيطا للسلام، كما انه من غير المنطقي أن يكون هناك موجة جديدة من الربيع العربي يمكن أن تحدث، لأن سوء الإدارة والطمع بثورات البلاد العربية ورهن استقلال الدول العربية لصالح إسرائيل والولايات المتحدة بما يتضمنه الغرب مجتمعاً هو لصالح اسرائيل والولايات المتحدة.
ويمكن تسجيل أكبر خطأ حدث في ثورات الربيع العربي، هو دخول التيار الاسلامي الى هذا الموضوع، ولذلك إذا أُريدَ ان يكون هناك انفجار في الاجهزة الشعبية لهذه النظم مرة أخرى، فلابد ان يبتعد التيار الاسلامي تماما، لأنه استغل استغلالا بشعا في الإساءة للوطن العربي.
فلو تحدثنا عن حركة حماس كنموذج كان من الضروري من بداية الثورة أن تحافظ على سوريا لأنها مهمة للمقاومة ووسيطةا بين إيران وتيار المقاومة، لكنها في البداية أصرت على تغليب الوجه الاخواني على وجهها كحركة تحرر فلسطيني. في الوقت الذي كان عليها الحفاظ على فكرة أنها حركة تحرر وطني وكان عليها الحفاظ على سوريا وبهذه الطريقة في التعامل قد أضرت بالقضية عبر الدخول بصفقات غير موفقة.
ويمكن تاريخيا رصد الخلافات بين أنور السادات وعبد الناصر عندما حاول الأول لتقرب من اسرائيل نكاية في الآخر، من جهتها استغلت الولايات المتحدة هذا الظرف وقلبت ظهر المجن بجانب الاتحاد السوفيتي ولكل ما يمثل التيار الناصري. ولذلك ارتمى في احضان اسرائيل والولايات المتحدة وكان يعبر عن هذا بأفضل طريقة.
صحيح ان الشعوب العربية تملك 100% من اوراق اللعبة إذا اصرت وتم اقتيادها بشكل منهجي. وتم تحديد العدو من الصديق بطريقة واضحة، لكن الشعوب العربية دُمر عقلها وسحب عقلها من جانب المنظومة العربية، ولذلك نحن كنخبة مهمتنا ان نستعيد العقل العربي للشعوب العربية، وان نستعيد انسانية الانسان العربي، والتي ظهرت في مونديال قطر عندما هتفوا لفلسطين وضد اسرائيل.
عطفاً على قضية انور السادات فعندما قاموا بابرام اتفاقيات كامب دافيد 1978، واتفاقية السلام ١٩٧٩، كان يعلم جيدا ان السلام ليس مفهوما واحدا بين العرب واسرائيل. اسرائيل فهمت السلام على انه تحييد لمصر واخراجها من دور القيادة في المنطقة العربية والانفراد بالقطعان العربية ومصر. ثانيا، كشفت الازمة منذ عام١٩٧٩ حتى الان ان هناك فرقا كبيرا بين مصالح النظم العربية ومصالح الاوطان العربية. النظم العربية همها ان تأخذ الشرعية من الخارج بغض النظر عن مدى خدمتها للأوطان العربي. ولذلك لابد من معالجة هذه النقطة، ليس عن طريق الثورة على الحكام وانما عن طريق اعادة الحكام الى الحضن العربي مرة اخرى. لأن الحاكم العربي فيه قسم من العروبة باقي، ولكن الاقسام الاخرى تم استغلالها من جانب اسرائيل والولايات المتحدة، وكلما ضغطنا عليه ازداد ارتماءا في احضان اسرائيل والولايات المتحدة، وابتعد تماما عن مسيرة الامة.
نحن في هذه المرحلة بحاجة الى تحديد لماذا نؤيد القضية الفلسطينية. هل نؤيدها لان فلسطين جزء من الامة العربية وأننا امة عربية واحدة، ام نؤيدها لاععتبارات مصلحية؟ وربما نجد على سبيل المثال أن مصر تؤيد القضية الفلسطينية لأنها تشكل الحوش الخلفي للأمن القومي المصري. بالتالي نحن بحاجة الى وضع قاعدة اساس لتأييد القضية الفلسطينية. الشعوب العربية يجب ان تعرف خطأ النظم العربية في سلب عقولها ويجب تحذيرها من المستنيرين الذين يوقظون هذه الشعوب
لا شك ان الانقسام العربي والاسلامي في ذلك الوقت كان كبيرا جدا، لان انور السادات تنكر للامة العربية اصلا وقال ان مصر ليست عربية. وللأسف الشديد عدد من المثقفين يدعمون هذا القول، لكن يجب التأكيد على أن مصر هي قلب الامة العربية، وهي البداية والنهاية، وبغير مصر لا تفلح القضية الفلسطينية مطلقا، وان اسرائيل عدو مباشر، واي اختراق للمنطقة العربية هو اختراق لكل الامن القومي المصري. وهذا يوضح سبب لجوء اسرائيل الى السودان واندفاعها نحو السودان فالهدف الأساسي هو محاصرة مصر وخنقها وابادتها، وبالتالي نستخلص أن وجود اسرائيل في فلسطين والمشروع الصهيوني تم تصميمه من اجل مصر، وهذا يفسر فرحة الطرف الأمريكي من شعارات عبد الناصر.
وعطفاً على ما سبق يعد عام 1967 حتى الان لغزا بالنسبة للنظم العربية، فما مدى مساهمة النظم العربية في تمويل الحملة الاسرائيلية على مصر وسوريا؟ ومن خان من؟ ومن تسبب فيمن؟ هل اغلاق مضيق العقبة هو السبب المباشر ام انه كانت هناك خطة كاملة من الولايات المتحدة، في الوقت الذي نشرت الولايات المتحدة أكثر من 2000 وثيقة عن الموضوع. هم كانوا يعلمون جيدا ان الولايات المتحدة تريد ان تتخلص من عبد الناصر، والذي رأى بعينيه ان مشروعه يسقط امامه، ولذلك اختزل موضوع 1967في هزيمة الجيش المصري. كان للجيش المصري قيادة عسكرية عبثية دفعت به الى سيناء دون حزم ودون تخطيط، ولذلك كان طعما للقوات الاسرائيلية وحققت نصرا لا تستحقه على الجيش المصري. وعندما اعتدت القيادة العسكرية في عام 1973 في الاسبوع الاول، نالت من النفسية الاسرائيلية والجيش الذي لا يهزم.
والجدير بالذكر أن هناك فهما مغلوطا عن دولة اسرائيل، فهي ليست قوة عسكرية وليست قوة اخطبوط، بل هي ظاهرة نفسية فقط وهي عصابة اغتصبت فلسطين وتريد ان تتربع على عرش العالم العربي، والفكرة ابعد من فلسطين. بل المنطقة العربية بشكل عام وهذا ما يغفله المطبعون والذين يساهمون بتطبيعهم في انطواء العروبة من خلال تعلقهم بأهداب الامل الزائف والحماية الاسرائيلية والامريكية.

شاهد أيضاً

blank

سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة تحتفل بالعيد الوطني الـ 54 المجيد

  السفير عبد الله الرحبي: العلاقات العُمانية المصرية تنمو وتزدهر في كافة المجالات بفضل الرعاية …