بقلم محمد الكعبي
الدولة: مفهوم قانوني وهو حقيقة واقعية سياسية لايمكن نكرانها فالحدود الموجودة والمرسومة بين الدول طبيعية وغير طبيعية فهي تعبّر عن مساحة تابعة لجهة معينة تفرض سلطتها وسيادتها عليها وتتحكم بها، وتعبر عن كيان يتمثل ببعده القانوني من خلال اعتراف الدول الاخرى والمنظمات والهيئات العالمية والتي تمنحها القوة والتأييد.
السلطة:(Authority) وهي القدرة على استخدام القوة على مجموعة أو جهات من خلال القوانين الصادرة عنها، أو القدرة على توجيه السلوك العام لمن تحت نفوذها من خلال فرض احكامها ومقرراتها بناءً على موقعها الاعلى في السلم الاداري، ومن صورها السلطة السياسية وهي المتنفذة والحاكمة وتعتبر فوق كل السلطات، والسلطة تتشكل من عناصر مادية ومعنوية وهي ضرورة حتمية والعالم قائم على شكل دول تختلف وتتفق، كبيرة وصغيرة مندمجة وغير مندمجة ولا يقوم مجتمع منظم بدونها.
السيادة: Sovereignty)) هي أحدى نتائج السلطة السياسية(الحكومة)، ولابد من توفرها على الارادة وقدرة التنفيذ، ويعرفها الفيلسوف الفرنسي جان بودان(Jean Bodin) بأن السيادة هي سلطة الدولة العليا المطلقة والابدية والحازمة والدائمة التي يخضع لها جميع الافراد رضاء أو كرها)، وعرفها الدكتور إبراهيم العناني بان السيادة هي سلطة الدولة العليا على رعاياها، واستقلالها عن أية سلطة أجنبية، وينتج عن هذا أن يكون للدولة كامل الحرية في تنظيم سلطاتها التشريعية والإدارية والقضائية..)، وتنقسم الدول إلى دول ذات سيادة كاملة، وسيادة ناقصة، ومعدومة السيادة، فالدولة المعدومة السيادة هي التي تتبع سياسياً أو اجتماعياً دولة أخرى بالكامل، وتنقسم السيادة إلى القانونية والسياسية، فالقانونية تعني تفويض وتخويل قانوني لهيئة أو جهة أو شخص لممارسة السيادة أي ممارسة سلطة إصدار الاوامر ويعاقب كل من يخالفها، أما السياسية فتعني شرعية ممارسة السيادة من خلال السلطة التي تمثل الدولة، والمعنى السياسي للسيادة له صور متعددة ومتنوعة من قبيل الجماهير والتي تختار بإرادتها الحرة في الانتخابات ممثليها الذين يمارسون السلطة وهي مظهر للسيادة نيابة عنهم.
السيادة الفعلية تكون للسلطة والتي تفرض قدرتها واوامرها على المواطنين ويخضعون لها فعلا، بصرف النظر عن شرعية السلطة من عدمها ، قانونية كانت أم لا، قد تكون السلطة الفعلية خفية أو تعمل من وراء حجاب مما يصعب تحديدها والسيطرة عليها، عكس السلطة القانونية التي تكون منبثقة من دستور وقانون فيسهل تحديدها، فهناك دول تكون السلطة القانونية مهمشة أو ضعيفة مما يجعل السلطة الفعلية هي الحاكمة وتفرض نفسها على الواقع السياسي والاجتماعي وهذه من أخطر المراحل التي تمر بها الدول ونهايتها الاقتتال والانهيار، وقد تتحول السلطة الفعلية تدريجيا وبمرور الوقت إلى قانونية من خلال سنها القوانين لمصلحتها لتضفي لنفسها الشرعية، إن مركز السيادة يكون بيد من يمارس السلطة الفعلية رضينا أم ابينا.
والسيادة تنقسم إلى داخلية وخارجية . فالداخلية هي سلطة الدولة على جميع من يسكن أو يعمل داخل حدودها الجغرافية من أفراد وجماعات ومنظمات ومؤسسات وهيئات ومقيمين وشركات وغيرها، ولها القدرة على اصدار الاوامر والتوجيهات وينبغي على الجميع تنفيذها وخلافها يتعرض المخالف للعقوبة ، ولها الحق في حرية اختيار نظام الحكم الذي يحقق لها مصالحها، والسيادة تمنح الدولة الحق في التحكم وبسط نفوذها على مواردها الطبيعية وغيرها، ولها السيطرة التامة على برها وبحرها وجوها.
السيادة الخارجية تتمثل باستقلال الدولة عن الوصاية الخارجية والرقابة الدولية، وحقها في أدارة شؤونها في الخارج بحرية وبدون فرض وتدخل الدول والمنظمات الدولية في قراراتها، ولها حق ممارسة سيادتها باستقلالية من خلال إنشاء علاقات دبلوماسية أو قطعها مع من تريد، ولها الحرية في تحديد مع من تشترك وتنّظم من الهيئات والمنظمات الدولية والمؤتمرات، ولها الحق في استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها.. الخ .
واليوم لاتوجد سيادة مطلقة حتى بالنسبة للدول العظمى، وانما السيادة المرنة التي تتفق مع واقع النظام الدولي، واغلب الدول اليوم تتنازل عن جزء من سيادتها طواعيةً عند ارتباطها بمعاهدة، أو انظمامها لمنظمة دولية، اضافة إلى العولمة والتقدم التكنولوجي التي جعلت من السيادة المطلقة حلم غير مدرك، ويفرض على الدول التنازل عن جزء من السيادة من أجل صيانة شعوبها ومصالحها.