اخبار عاجلة

السفير عبدالله الأشعل يكتب تأملات فى اتفاقات التطبيع العربى

تأملات فى اتفاقات التطبيع العربى
مع إسرائيل
السفير د. عبدالله الأشعل
منذ قيام إسرائيل حتى عام 1979 كانت إسرائيل نقطة تجميع الدول العربية على العداء لإسرائيل ولكن واشنطن كانت تتسامح مع الدول الحليفة معها حتى لا يحرجها النظام المصرى فى عهد عبد الناصر ولما تولى السادات كشف عن اتجاهاته اهمها التملص من عروبة مصر والتقارب من إسرائيل خاصة أنه كان يردد أن مقاطعة مصر من جانب عدة دول عربية لا يقاس بترحيب العالم كله وصداقته للسادات فإن قلنا له أن الدول العربية التى قاطعت السادات هى أسرته كان يقول أن مصر ليست دولة عربية وكان يسب العرب وكان السؤال الحائر الذى تجاسرت وسألت فيه أحد السفراء الأمريكيين وخاصة السفير هيرمن أيلتس السفير الأمريكى الذى عاصر السادات لماذا تقسوا الدول العربية خاصة الموالية لواشنطن على مصر فى العقوبات ولا تتقدم واشنطن لحماية مصر من هذه القسوة خاصة وأنهم جميعا يخضعون للهيمنة الأمريكية وواشنطن هي التي رتبت كل خطوات التقارب الحميم مع اسرائيل واعترف لى بأن السؤال يصعب الاجابة عليه وسوف تتكفل الأيام بالاجابه عليه وفهمت منه ان واشنطن دولة عظمي لديها ثوايت ومهدئات paliativesفتبدو متناقضة.
أما مرحلة ما يسمى السلام مع إسرائيل فقد فرقت الدول العربية خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتفرد واشتطن بقمة النظام الدولى وأصبح الشغل الشاغل لواشنطن هو تسيد إسرائيل للمنطقة بعد فقدان مصر مقعد القيادة فى المنطقة فسهل على إسرائيل أن تخترق العالم العربى تحت سمع مصر بل وتشجيعها. ولا شك أن السادات هو الذى مكن إسرائيل وضحى بمصر وهو يظن أنه أحسن صنعا بينما أضر بمصر والمنطقة ضررا استراتيجيا ومكن المشروع الصهيونى على حساب العروبة علما بأن توحد العالم العربى لصالح مصر وأما تفتيته فهو خطر على الأمن القومى المصرى وهذه من البديهيات التى يجب أن يعلمها المدنى والعسكرى فى مصر.
ونلخص تأملاتنا فى مسألة التطبيع مع إسرائيل فيما يلى:
أولاً: أن معاهدات السلام منذ عام 1979حتى معاهدات الامارات مع إسرائيل عام 2021 كلها تنص علي الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها وقد رفض الشعب المصرى التطبيع مع إسرائيل ولكن قصد بالتطبيع ما تضمنته معاهدة السلام مع مصر من الاعتراف بإسرائيل واقامة العلاقات الدبلوماسية معها وتبادل البعثات الدبلوماسية وابرام عدد من الاتفاقيات فى مجالات مختلفة وكذلك ابرام عدد من التفاهمات فى المسائل الحساسة.
ثانياً: أن التطبيع مع مصر لايزال تطبيعا حكوميا أى على مستوى الحكومة ولكن فشلت الحكومة فى اقناع أو ارغام النقابات والهيئات الشعبية علي التطبيع مع إسرائيل.
ثالثا: أن اتفاقات التطبيع شملت موجتين عبر اكثر من اربعة عقود الموجة الأولى شملت مصر والأردن فى تسعينات القرن الماضى أما الموجة الثانية عام 2020و2021 قد شملت البحرين والامارات والمغرب أما السودان فلايزال يستعد لتوقيع المعاهدة بعدان الزم نفسه واستقبل وزير خارجية إسرائيل واستعد للتطبيع.
رابعاً: أن كلمة التطبيع فى هذه المعاهدات الست ليست دقيقة لأن التطبيع يعنى إعادة الشئ لأصله وينطبق فقط على عودة العلاقات الدبلوماسية بعد قطعها ولذلك أصرت إسرائيل على الدجل السياسى واستخدام هذا المصطلح في غير محله.
خامساً: أن اعتراف الدول العربية المتعاهدة مع إسرائيل بإسرائيل كان اعترافا مطلقا ولم يقيد بأى قيد وهذا خطأ كبير .
أما اتفاقية الامارات مع إسرائيل فقد ربطت بين التطبيع وموافقة إسرائيل على وقف الاستيطان والسؤال أن إسرائيل تصر على الاستيطان فهل يكون اصرارها مبطلا للمعاهدة أم أن إسرائيل انتهكت الشرط وإذا كان هذا الشرط هو لب المعاهدة فكيف يستقيم التطبيع الذي اتخذ صورا متعددة مع اصرار إسرائيل على الاستيطان وضم المستوطنات إلى إسرائيل عموما أعتقد أن هذا النص هدفه تهدئة غضب الفلسطينيين ولم يقصد مطلقا موقفا حازما ضد الاستيطان خاصة والكل يعلم أن المشروع الاسرائيلى الصهيونى يقوم على قضم الأراضى عن طريق الاستيطان ثم ضمها وهى طريقة انفرد بها المشروع الصهيونى دون غيره من المشروعات الاستعمارية.
سادساً: أن مصر والأردن بررت التطبيع مع إسرائيل بأن هدفه استعادة الأراضى التى استولى عليها الجيش الإسرائيلى فى سيناء وفى الضفة الغربية والمناقشة الجادة لهذا التبرير تظهر أنه قدم لكى يوافق الشعب فى البلدين على هذه الخطوة بل إن السادات وعد الشعب المصرى بأن هذه المعاهدة ستكون فاتحة خير وبركة على المصريين وانها ستوفر ثمن الصراع لكى يوجه الي التنمية فأهدرت مصر كرامتها وضيعت المنطقة وضحت بالفلسطينيين وكان المقابل هو فتح واشنطن وإسرائيل أحضانهما للسادات ويبدو أن السادات لم يدرك بأى مرحلة من حياته أنه أضر بمصر ضررا بليغا ونفع نظامه نفعا سطحيا عابرا فقط ولاشك عندي ان واشنطن اكرمت السادات كما شيعت زوجته المتعاونه مع مشروعه في جنازة عسكرية وهكذا بدأ الانفصال التام بين مصالح النظام ومصالح الوطن الاستراتيجية والدليل على سذاجة الطرح فى أحسن الأحوال إذا افترضنا البراءة فأنه طرح ساذج ينم عن حقيقة المخطط الصهيونى وخطره على مصر بل إن السادات استصدر من مجلس الشعب الذى كان طوع بنانه قانونا أسماه قانون العيب فقلب معنى العيب قلبا كاملا فالعيب أن يكون السادات عاجزا عن ادراك مصالح مصر وأن يسمح لاسرائيل بمنع الجيش المصرى من أن يعسكر فى أى جزء حسب مقتضى المصلحة العسكرية والدفاعية فى الأرض المصرية وأنا أدعوا كل المصريين الي تدبر صفقة السادات مع إسرائيل بمناسبة الذكرى السنوية لهذه الصفقة يوم 26 مارس من كل عام فهذا اليوم يوم مشهود بالاضرار بمصر من جميع النواحى .
أما المعاهدات الابراهمية كما تسميها إسرائيل فكانت التطبيع مقابل الرضى الأمريكى بل أن بعض الدول بالغت فى التقرب من إسرائيل بل إن بعضها كما تردد ساهم فى العدوان الإسرائيلى على غزة مما لم تتضمنه المعاهدة وكانت بعض الخطوات الزائدة عن الحد قد أتخذت فى هذا السياق مما يؤثر على المصالح المصرية المباشرة وهذا يقتضى الحذر فى التعامل مع بعض الدول العربية التى طبعت تطبيعا فوق ما تطلبه إسرائيل.
سابعاً: الخلاصة أن معاهدات التطبيع مع إسرائيل تقف خلفها واشنطن والمستفيد الوحيد هو إسرائيل لأن رضى واشنطن فى المجموعة الابراهيمية يستفيد منه الحكام ولا تستفيد الأوطان كما أن تبرير أصحاب المرحلة الأولى من صفقات السلام يتوازى مع اصحاب المرحلة الثانية وهو رضى واشنطن مقابل التطبيع فإذا كان السادات قد برر الصفقة مع إسرائيل وأقنع بها السذج من الشعب المصرى بأن الصفقة تضمنت انسحاب إسرائيل من سيناء والا لظلت سيناء كلجولان ولكن هذه حجة ضاحدة لان كل المعاهدات انطلقت من قرار مجلس الأمن 242 الذى ينص فى ديباجته على عدم جواز اكتساب أراضى الغير بالقوة وأنى لأعجب وأنا أقرأ الموقف الأوروبى من أزمة أوكرانيا كيف يكون النفاق فاجرا الي هذا الحد فهم يقولون عن روسيا ما لم يجرأوا على قوله لإسرائيل عندما احتلت الأراضى العربية والسبب أن الغرب المنافق يريد أن تدوم هيمنته وأن يدمر روسيا بينما إسرائيل هى الوكيل الحصرى والأبن الشرعى للاستعمار الغربى ولذلك اعتبر الغرب المقاومة العربية ضد إسرائيل ارهابا بينما اعتبر مقاومة أوكرانيا للقوات الروسية حقا قانونيا مشروعاً.
ثامناً: أن التطبيع مع إسرائيل مع ادراك أن التطبيع الذي يشجع إسرائيل على طى صفحة العروبة يعتبر انقلابا على العروبة لا تقل خطورته عن انقلاب السادات عليها فى وقت مبكر كما أن هذه الخطوة تشجع إسرائيل على انتهاك القانون الدولى وتوحش إسرائيل ضد الفلسطينيين فهو نصرة للباطل على الحق

شاهد أيضاً

blank

“رسائل الدول العميقة والعقيدة النووية “

  محمد البديري بعد إعطاء بايدن السماح بقصف العمق الروسي ضمن المساحة الممتدة من صفر …