اخبار عاجلة

المرأة من منظور ثقافي

بقلم – رشا ممدوح
خاضت المرأة المصرية نضالاً طويلاً من أجل الحصول علي حقوقها المشروعة والعيش في ظل حياة كريمة آمنة فقد عاشت فترة ليست بقصيرة محرومة من تلك الحقوق فجاهدت منذ مشاركتها في ثورة 1919 من أجل استقلال الوطن وخروج المستعمر المحتل من أراضيها وكان أول خروج لها, وعندما تشكلت لجنة الثلاثين لوضع الدستور في أبريل 1922 بدأت المرأة في التصدي لتجاهل وجود السيدات داخل اللجنة, وجاءت الصدمة لصدور دستور 1923 دون أدني إشارة لحق المرأة في الترشح أو الانتخاب, وتوالت بعدها العديد من الحركات النسائية للمطالبة بحقوقهم وما كانت إلا نزعة إلي تحسين وضع المرأة في المجتمع ومد سلطاتها إلي أن صدر دستور 1956 الذي يعتبر أول ضوء في طريق مكاسب المرأة حيث نص علي حق المرأة في التصويت والانتخاب وتوالت الانتصارات حين صدر دستور 1971 الذي أكد علي مبدأ المساواة التامة بين الرجل والمرأة دون تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وأعطي حق المرأة في إعطاء جنسيتها لأولادها لمن يولد لأب غير مصري وهي خطوة لتطبيق مبدأ المساواة, إلي أن جاء دستور 2014 الذي يعتبر غنيمة من المكاسب التي حصلت عليها المرأة لم يسبق لها مثيل من قبل جاء ليكلل نضالها بحزمة منصفة من القوانين بل ازدادت المكاسب بصدور قانون الخدمة المدنية الذي تضمن فصلاً كاملا لتنظيم حق المرأة في العمل, فقد ساير المشرع المصري الجهود الدولية فكفل للمرأة المصرية علي اختلاف المستويات حقوق وحريات عديدة بهدف تمكينها والقضاء علي كافة أشكال التميز ضدها وتحقيق المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات وكفل لها اتخاذ كافة التدابير الأزمة لذلك, كما وضع لها الخطط التي تسير عليها والبرامج والأنشطة التنموية, بل لم يكتفي بذلك أيضا بل وضع لها إستراتيجية المرأة 2030 التي تسعي لتمكين المرأة علي كافية الأصعدة لتمكينها وبحلول عام 2030 تكون المرأة قد وصلت لما حلمت به وناضلت من أجله.
وبالرغم من المكاسب التي حصلت عليها المرأة خلال الفترة السابقة إلا أنها مازالت تعاني من ثقافة مجتمع لم تتغير, فما زالت تواجه العديد من المشاكل ونظرة تمييز وخاصة للمرأة المطلقة.
فمما لا شك فيه أن الطلاق من الأمور التي يبغضها الله عز وجل درءا لمفاسده الكثيرة. وكونه يؤدي إلى الفرقة والتفكك وله مشكلاته وانعكاساته وأبعاده الاجتماعية والذاتية والتربوية والنفسية إذ يعتبر من اقسي التجارب التي قد تخوضها المرأة بصفة عامة, وبالرغم من أن الدين الإسلامي قد شرع الطلاق في أضيق الحدود وفي حالة استحالة العشرة إلا أن المجتمع لم يرحم المرأة وكأنه يحاول أن يعاقبها ويجلدها على ذنب لم ترتكبه ويحكم عليها بسجن أبدي داخل صفة المطلقة، إلى أن يعفو عنها زوج آخر قد يأتي أو لا يأتي أبدا, وهي علامة استفهام تلمع في أفق مجتمعاتنا حيث تقع المرأة تحت نظرة قاسية قاصرة علي حكم ثقافة المجتمع والفهم الخاطئ لأعرافه، الذي يجعله ينظر إلى المرأة المطلقة نظرة قاسية بلا رحمة ولا عطف ولا هوادة فتلك النظرة ساهم فيها الإعلام الذي يصور دائمًا المرأة المطلقة امرأة لعوب تتسبب في هدم كيانات أسرية أخري، فنجد المرأة المطلقة وكأنها عورة لا ينبغي لها أن تتنفس إلا داخل جدران غرفة محكمة الغلق لتفرز سلبيتها فيما بعد داخل المجتمع, فما زالت تتحكم فينا جملة من الموروثات والعادات الشعبية التي تتميز بهشاشتها وعدم منطقيتها والتي تتمركز حول نظرة الرجل إلى المرأة ووصفها بكائن ضعيفاً وتابعاً, بالرغم من أنها تقوم بكافة المسؤوليات لأبناها بعد الطلاق وطال انتظارها للحصول علي حقوقها في ظل تطبيق قانون الأحوال الشخصية الذي يصيبه العوار ومجحف للحقوق ووقعها تحت أحكامه ( القانون لا يعرف عائشة) تلك المقولة الشهيرة التي عانت الأمرين منها تنتظر صدور قانون منصف ليها يمشي بخطوات سريعة لإنصافها, وعند ظهور قانون جديد علي أرض الواقع تضمنت بعض مواده ظلم بين للمرأة وتغافلت بعض نصوصه عن حقوق لم يتطرق لها, كما أن القانون به العديد من التجاوزات منها رفع القانون الجديد ولاية محكمة الجنح عن قائمة المنقولات الزوجية وأصبحت من اختصاص محكمة الأسرة, كذلك ليس للأم حق ولاية أن تقدم ورق المدرسة لأبنائها لابد من حصولها علي حق ولاية تعليمية من القضاء كما كان في القانون السابق بل أكد عليها, ليس للام الحق في استخراج شهادة ميلاد لأبنائها حديث الولادة, أيضا لم يعطي للأم أهلية أن توقع بإجراء أي عملية جراحية لأبنائها, فأن هذا القانون يرى النساء ناقصات الأهلية بلا شخصية قانونية جاء ليقذف بكل نضال المرأة للحصول علي حقوقها وجاء مخالفًا لمواد الدستور, وكنت أتمني أن تضم مواده علي دورة إلزامية للمقبلين علي الزواج مدتها لا تقل عن ستة أشهر تهدف إلي تأهيل الشباب المقبل على الزواج، من الجنسين، نفسيًا واجتماعياً, وتوعيتهم بالشروط الواجب توافرها لبدء أولى خطوات الحياة الزوجية, وإعدادهم لبدء حياة زوجية ناجحة, قوامها الحب والاحترام والمسؤولية. ويقوم المختصين بالتدريس ويستعان بأخصائيين الإرشاد الأسري ويكون هذا شرط لإتمام الزواج مثلما يحدث في التحاليل الطبية فهي شرط ملزم لعقد الوثيقة الزوجية. كذلك كأن لابد أن يتضمن التقاضي علي درجة واحدة لسرعة صدور الأحكام وتجنب ما تتعرض له المرأة من ظلم داخل جدران المحاكم.
ولكن مما يجعلني مطمئنة القلب وعد معالي رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي إنه لم يوقع علي قانون لا يكون منصفاً وعادلاً للمرأة، ومقولته :” أقول للرجال كونوا رجالاً، وانحنوا تقديرا واحترام للمرأة والرسول صلى الله عليه وسلم قال استوصوا بالنساء خيراً”

شاهد أيضاً

سلسلة مقالات “حكمة من كتاب”

‏بقلم / محمد ابراهيم ربيع كاتب و محلل سياسي وهذه المرة استخرج بعض النقاط الهامة …