٣ _ ذكريات الهرم الاكبر
وكنا قبل الانتقال ال بيتنا الكائن فى تقسيم ابو طالب بجوار فيلا زاهر قد تعرفنا على عائلة سباق عبد الله سباق هذا الرجل من مدينة الأقصر وساقتة الاقدار إلى العمل بحماية الاثار { غفير أو حارس }وكان يقيم فى بيت صغير فى حضن هرم خفرع إلى جانب مخازن الاثار التى يحرسها وكان متزوجا بعد وفاة زوجته من سيدة تدعى { رسمية } كانت شهيرة برؤيتها للطالع من خلال نوه البلح التى كانت تلقيه على الأرض ليشكل رسما أو تشكيلا تقوم هى بقراءته وهى بحكم انها صعيدية تمتلك قدر كبير من القدرات اللغوية والحكمة والجدعنة وتمتلك موروثا شعبيا من الحكاوى والأمثال والاغانى فقد استطاعت أن تؤثر فى المريدين الذين يلجأون إليها فى معرفة خفايا المستقبل حتى انا ذات يوم تعرضت لقارىء المندل
حين سرقت دراجة عم خليل فلجأ للمندل { والمندل هذا عبارة عن فنجان ابيض يوضع به زجاجة من الحبر الاسود ثم يأتون بطفل لم يتجاوز ال خمسة عشر عام ويربط الرجل ورقة مكتوب فيها بعض التعاويز ملفوفة فى قطعة من القماش تشبه المنديل وهوه يتمتم ببعض كلمات من الآيات القرانية } فقد وقع عليا الاختيار وانا اقوم بالنظر بثبات غير عادى وفى نهاية الطقوس الذى أجراها يلقى علىا سؤالا ويطلب منى الرد بسرعة : مين اللى خد العجلة { الدراجة } فأجبت : حد لابس لبس الجيش .
فيتم اكتشاف أن أحد الجنود الذى يقضى الخدمة قد تأخر عن موعده فاستعار عجلة عم خليل ليذهب بها وعاد بها فى اخر النهار معتذرا عن مافعل ولم تكن سرقه كما توقعوا الناس وظل هذا الرجل يستخدمنى فى اكل العيش واجيبه عن شخص آخر غائب لعدة سنوات فى السعودية ويتم التوصل إليه فى جبال لونها اسود ويتم اكتشافها فى محافظة الريث _ منطقة جازان _ وهذا لمجرد الإجابة : بالجبل الاسود وهكذا ظل المندل لعبة العبها طالما توفر لى بعض المصروفات إلى أن توقف وحى الرؤى عنى فبحث الرجل عن بديل _ عوده لىسباق الذى كان يعرفه .
كان له ولد يدعى محمد كان يعتمد عليه فى جلب الماء من بئر أثرى قريب وكذلك فى الاعتماد عليه ماليا فى بيع المثلجات إلى وفود السياح الذين يأتون لزيارة الاهرام ومحمد رغم عدم إكماله لشهادة الابتدائية إلا أنه يتحدث الإنجليزية بطلاقة نادرة فقد كان من متسلقى الاهرامات وخصوصا الاكبر وكان السائحين يأتون إليه فى الفجر ليقوموا بالتسلق قبل أن يمتلاء المكان بشرطة السياحة التى كانت تمنع ذلك وكذلك كانت تمنع اى تعاملات مع السياح إلا أن محمد سباق كان يجيد فن المراوغة والتخفى من الشرطة ولذلك فقد يبيع جرل أو جردلين واحيانا ثلاثة ثم يعود بحصيلة من الدولارات ليطرحها فى حجر أبيه وكان يدكن اى يستقطع بعض الجنيهات يعطيها لزوجة أبية لتشترى علبة
سجائر لتدخنها فى غياب عم سباق
حتى جاء يوما ليتعرف محمد على أحد الامريكان من ذوى السلطة الذى طلب من محمد سباق أن يستخرج جواز سفر ووجد عند محمد استعدادا للسفر إلى أمريكا لولا الحظ العاثر الذى اكتشف فيه والده رغبته فى السفر فقام بتمزيق مستندات السفر ومنعه من مغادرة البلاد.
الا أن الخواجه استطاع بما يملك من قدرات أن يستخرج له جواز سفر جديد ليسافر إلى كاليفورنيا تاركا لوالده شريط كاسيت لاحمد عدويه ينطلق منه صوت
{ راحوا الحبايب بقالهم عام والتانى }
كانت رسمية تحب امى وتحب تزاورها ومؤانستها وبعد قليل وفى اجازة نهاية العام الدراسى استدعانى عم سباق للعمل الصيفى لطلاب المدارس وأثناء انتظارنا لمهندس الاثار الذى سيوزع العمل علينا إذ به يخصنى بعمل خاص بمدخل الهرم الاكبر واستلمت العمل على الفور واستلمت عدة الشغل عبارة عن جردل به ماء وزجاجة مطهر ومقشة وطلب منى الرجل الجالس على بوابة الهرم ويدعى عم برهان كان اسمر نوبى ذو ملابس وعمامة بيضاء له ابتسامة تجلس على وجهه لا تفارقه وكان
يتسلم تذاكر الدخول من الزائرين وأدخلنى إلى الممر إلذى يؤدى الى حجرة الملك خوفو لأقوم بتنظيفها ورشها بالماء المطهر واعود قبل انتهاء الاستراحة الممنوحة لنا وهى عبارة عن نصف ساعة .
ودخلت الهرم منحنيا وكنت طويل القامة امشى فوق الواحا خشبية متصلة ببعضها البعض إلى أن وصلت إلى حجرة الملك وقفت على باب الحجرة التى يتوسطها تابوت ضخم كان الملك خوفو ممددا فيه فى يوم من الايام قبل أن يقتحمه اللصوص مثلما فعلت أنا الآن .
دخلت من الباب الذى فتحه اللصوص ذات يوم لسرقة مومياء الملك وما حوت هذة المقبرة من ثروات الملك خوفو .
لم تكن قدمايا متحررتين فانا فى حضرة الملك وان كان التابوت فارغا فقد كانت قدمايا مثقلتان وان اتحرك تجاه التابوت الذى احتوى جسدى هذه المرة ورغبة منى فى تميل دور الملك خوفو وضعت يديا فوق الصدر مثلما شاهدت ذلك فى مشاهد تلفزيونية وتخيلت اننى ملك اعود للحياه ماذا ساقول _ فقلت بعد أن تحررت من اللفافات التى تقيدنى : من الذى تجر أ ودخل عليا حجرتى وايقظنى قبل موعدى { بلجة صارمة نادى الحراس } ياحراس اين ملابسى وطعامى ومحتوياتى وذهبى وايقوناتى { وكانه يسمعهم فيرد } سرقت واين كنتم { يردون } كنتم فى الجوار ميتون .
حين ذلك انتبهت لانتهاء فترة الاستراحة فحملت عدة الشغل ونزلت مهرولا إلى خارج الهرم بعد أن اشبعت هوايتى بتمثيل دور الملك فى مسرحية من سطرين وبطل واحد بلا جمهور.
وعدت إلى الواقع حين سألني حارس البوابة : عملت أية ؟
إجابته : { ومازلت متأثرا بما حدث فى الحجرة } تمام تمام .
قال لى : الهرم ده أعظم بناء على وجة الأرض وهوه من عجائب الدنيا السبع مش بس كدة لكن تخطيطه من الداخل محكم ومبهر ويرتفع لأكثر من ٥’١٤٦ متر .
فكيف رفعوا عدة احجار بهذة الضخامة لتغطية حجرة الملك فى زمن لا تتوفر فيه تكنولوجيا متقدمه .
ده الكلام اللى هاتقوله للزوار العرب أثناء تجولهم فى الهرم من الداخل واللى هاتخده منهم تجيبه وهديك حسنتك .
وفى استراحة اليوم التالى قمت بتحسس المدرج الخشبى من أسفله فوجدت كل ماكان يقع من حاجات وممتلكات السياح ولا يتمكنون من استعادته .. نظارات .. اقلام .. سلاسل .. وأشياء أخرى ملءت بها الجردل لأعود به إلى الحارس الذى قال لى : ضعه إلى جوارى حتى اسلمها للادارة لتتصرف فيه ويتم إعادتها إلى أصحابها .
لم يكن كلامه مقنع لأنها اشياء ضاعت لسياح كثير ين منهم من عاد إلى بلاده.
وظل الحال هكذا إلى أن جاء عبد الحليم حافظ ليغنى على مسرح الصوت والضوء اغنية { نبتدى منين الحكاية } ١٩٧٥ م للشاعر محمد حمزة وألحان محمد عبد الوهاب وكنت منتقلا للصف الثانى الاعدادى ويزداد انبهارى بالفن وكتابة الشعر وعمل الرسومات وبالاغانى والتمثيل فكان لى صديق دراسه اسمه أنور حامد كان ينافسنى فى كتابة الشعر ويشاركنى مشاهد التمثيل التى كنا نقيمها خلف جبانة السمان بجوار الصخرة الشهيرة التى يستخدمها معظم المخرجين فى أفلامهم أو مسلسلاتهم الدرامية فقد كانت موقع مميز للتصوير.
الا أن انور رغم صحبتى له وحرصى على أن أكون معه يوميا إلا أنه كان يختلف معى فى حب وردة الجزائرية فقد كان يعشق الدلوعة شادية إلى أن فرقتنا الدراسة ومكان السكن فانا انتقلت إلى مدرسة السعيدية العسكرية وكونت فئة آخرى من الاصدقاء
تتبع