بقلم الكاتب الامارتي : أحمد إبراهيم
أعزائي أحبتي وأشقائي في المملكة العربية الشقيقة .. الملك الذي أقسم لكم بالله انكم في قلبه، وأعطاكم بالكلام ما قلّت كلماته ومن العطاء ما دلّت وزناته، جاءكم بالكلام ما قل ودل، ومن الأرقام ما زاد وأضمحلّ، ولم يطلب منكم غير الدعاء .. 700 مليار رقم خُرافي، انه ميزانيات الأقاليم والقارات، لخّصها الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم الجمعة للشعب السعودي في كلمتين أهداهما للمواطن والوطن، فحوّلها الجمعة الى جمعة الفرح.
راع الوطن لم يطلب منكم غير الدعاء، والوطن قد يطلب منكم أكثر من الدعاء، فعلى الشعب السعودي بعد هذه المكرمة ان يوطّد أواصر التعاون فيما بينهم في شوارعهم، أحيائهم، مساجدهم، مدارسهم وجامعاتهم ..
المال وسيلة وليس الهدف، فلو أنتج كل سعودي من كل ألف ريال يحصل عليه من الدولة ريالا إضافيا للوطن، لرأى سفينة الحياة كيف تندفع بنفسها، ولمس الوطن كيف يستمد الوقود للمواطن لنفسه، ولرأى الأمواج تلك التي تتلاطم بإسم الغلاء والبطالة كيف تتلاشي بنفسها..
لكن لو ان كل فرد في المجتمعات ظل منتظرا كتفا على كتف لتحل الدولة كل مشاكله، فما على الدنيا الا السلام اولا، ثم ما على هذا الفرد الباحث عن الزئبق الأحمر، الا ان يبحث عن أكسير الحياة من الصين الى الصومال والسنغال، ولن يعثر عليه الا في الخيال. ليس كل بلد بترولي يتنعم بنعمة البترول يا أهل الخليج، لقد زرت بعض تلك الدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (OPEC)، وتجولت في شوارعها الرئيسية التي تزدانها ناطحات السحاب، لكنها ناطحات سحاب من القمامة والنفايات! .. طوبى لكم يا أهل المملكة العامرة على هذه الرفاهية والخدمات، وطوبى لكم يا مواطنوا دول مجلس التعاون على هذه الإزدهارات العمرانية والإنتعاشات الإقتصادية، والتي تُشكر عليها قياداتها الرشيدة المخلصة للوطن والمواطنين.
لازلت أتذكر كلمة أطلقها فقيد الإمارات الشيخ زايد رحمه الله في إحدى حفلات التخرج لجامعة الإمارات بمدينة العين وقال (الرجال قبل المال)، طبعا وهما زينة الحياة بقوله تعالى (المال والبنون زينة الحياة)، فالمال من الله لكم يا أهل الخليج، والرجال انتم في الطليعة إن كنتم أكفاؤه وصانعوه، فاصنعوه ذلك الرجال بداخلكم، واصنعوا به الوطن، فإنه يعطيكم قدرما تعطونه.
كلما زاد الدينار في الجيوب والدرهم في اليدين، يجب ان تزيد غريزة حبكم للوطن بالبقاء في الوطن والفناء للوطن، ولاتطير الأرصدة المصرفية الى بانكوك وسان فرانسسكو لإستنزافها في البارات والدسكوهات، فأينما كنت يا أخي المواطن الخليجي بدينارك ودرهمك، ضع الوطن قبلتك، وعُد للوطن بغريزة الوطن، لتصرفها نقودك في ربوع الوطن وعلى اولادك وبناتك من أبناء الوطن، وعلى زوجتك بنت الوطن.
الطيور لها غريزة العودة للموطن، عصفور الهزاز الذي يزقزق فناء بيتك على السدرة كل صباح، مهما هاجر هذا العصفور عنك في الخريف شمالا وجنوبا، لكنه لاينجب ولايبيض الاّ في عشه القديم، والحمام الزاجل مهما إبتعد عن موطنه في رحلاته الطويله على غرار تلك الطيور التي تطير أسراب وأسراب لتقطع في الغالب ألف ميل فوق عرض البحار، يعود ذلك الحمام دون ان يضل الى بيته في الوطن.
والعودة للوطن لاتعني العودة بالطائرة الى مطاراتها، وبالسفينة الى موانئها ومراسيها من الحدود البحرية، ولا بسياراتكم الى حدودها البرية، لأن العودة للوطن، تعني العودة إلى صفوف البناء والإنتاج من أبناء الوطن، وإن كان قد ضلل بك الطريق يوما في تضلل عن جهل وظلال، فليعد اليوم مخلصا للوطن عن علم ويقين.