كتب – علاء حمدي
أقام ملتقى الهناجر الثقافى، التابع لقطاع الإنتاج الثقافى، ندوته الشهرية، بعنوان: (الوطن وتحديات 2020)، بساحة دار الأوبرا المصرية، وقد شهدت الفاعلية الالتزام بنسبة حضور 50% من القدرة الاستيعابية لمسرح الهناجر، وفقا للإجراءات الاحترازية التى تتبعها سائر جهات وزارة الثقافة المصرية، وأدارت النقاش بالأمسية رئيسة الملتقى ومؤسسته، الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، وشارك فيها كل من: السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الدولة للأسرة والسكان الاسبق ، واللواء الدكتور محسن الفحام، الأستاذ بأكاديمية الشرطة، والكاتب الصحفى محمود مسلم، رئيس تحرير جريدة الوطن، والدكتور شريف الجيار، أستاذ النقد والأدب بجامعة بنى سويف، كما تضمنت الأمسية فواصل طربية، قدمها المطرب محمود درويش، الذى قدم مجموعة منوعة من الأغانى الوطنية والتراثية، بمصاحبة فرقة كنوز الموسيقة.
قالت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، إن أهمية موضوع الملتقى مستمدة من أهمية العام الجارى 2020، الذى يعد عامًا استثنائيًا حمل الكثير من الصعاب، والتحديات التى لم ينحصر تأثيرها على مصر فقط بل إن العالم أجمع ، ولكنه حمل لنا كمصرين أيضا الكثير من الفرص، هذة الفرص جعلتنا اكثر قوة، اكثر قدرة على تخطى الصعاب والتحديات، سواء كانت تحديات سياسية. اقتصاديه.اجتماعية وغيرها، وأشارت ان انظار العالم كله تتجه الى مصر، مصر التي تحقق انجازات عظيمه منذ العام 2014 وحتى الان ولما لا فمصر الريادة والقيادة ومصر المصرين ومصر الجيش المصري العظيم انها مصر وكفى بكل ما تحمله الكلمة من معنى “.
ومن جانبها قالت السفيرة مشيرة خطاب، متسائلة عن رؤيتها حول ماهية تداعيات جائحة كورونا على مصر، وكيف كان تأثير تلك الجائحة على مصر؟ بدأت السفيرة مشيرة خطاب كلمتها بمطالبة الحضور الوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهداء مصر البواسل، عقب هذا أكدت أن العام الجارى 2020 يعد عامًا مليئًا بالصعاب بلا أدنى شك، ليس فقط محليًا بل على الصعيد العالمى قطعًا، فبعد انقضاء أكثر من تسعة أشهر، اجتاح خلالها هذا الوباء العالم، ولا أحد يعلم يقينًا إلى اللحظة، هل ستهاجمنا موجة وبائية أخرى مجددًا؟ أم كيف ستجرى الأمور؟!.
وتابعت مشيرة خطاب، أن ما خلفته تلك الجائحة البشعة من وفيات حول العالم يصل إلى قرابة 33 مليون حالة وفاة، وهو ما يمثل أضعاف ضحايا الحرب العالمية الثانية التى تسببت فى وفاة حوالى (70:85) إنسان، وهنا تجدر الإشارة بأن تأثير تلك الجائحة عالميًا فاق مدلول عبارة “ويلات الحروب” التى توَصف بها الأمم المتحدة مدى بشاعة تأثير الحروب على بنى البشر، أما الأوجه الإيجابية التى ظهرت جراء تلك الجائحة فهى عديدة أيضًا، فمن الرائع أن يرى العالم أجمع الموقف المصرى النبيل حينما أرسلنا مساعدات طبية لإيطاليا فى أوج معانتها، حيث كانت إيطاليا آنذاك أكثر بلدان العالم تضررًا من الجائحة التى انتشرت هناك بشكل خاص كالنار فى الهشيم، وكان العالم كذلك يبصر هذا المشهد المصرى الذى يدعو للفخر، بالتزامن مع تناقل أخبار تفيد استحواذ إحدى الدول الكبرى على شحنات للكمامات الطبية المتجهة لدولة أوروبية، وكذلك إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب”، أن بلاده فى حاجة ضرورية لتوفير أدوات طبية وأجهزة تنفس وما إلى ذلك.
وأشادت السفيرة مشيرة خطاب بإدارة مصر لهذه الأزمة العالمية الكبرى، مثمنة على رصد الدولة مائة مليون جنيه لمواجهة الجائحة، بالإضافة لسائر قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسى الإيجابية التى تمت بالتنسيق مع جهات الدولة المعنية كافة، مثل تأجيل سداد المواطنين للقروض لمدة ستة أشهر بداية من ظهور الجائحة فى مصر، وبرنامج الشمول المالى، وكذلك الأداء الإيجابى الذى أظهرته وزارة الصحة، بالإضافة إلى دور القوات المسلحة خلال فترة الجائحة، وبطبيعة الحال وزارة الثقافة التى دشنت برنامج “الثقافة بين يديك” الذى لاقى نجاحًا فاق التوقعات.
وأوضحت السفيرة مشيرة خطاب، أنه من المنتظر أن ترتفع نسبة المواليد بشكل كبير خلال الربع الأول من العام المقبل، فهذا أمر بديهى سيحدث لا محالة بسبب فترة الإغلاق التى شهدناها العام الجارى، وهو ما يدق ناقوس الخطر، فإن عواقب الزيادة السكانية ستكون وخيمة بلا شك، ولا بديل سوى مواصلة الجهود التوعوية لكى يؤمن المواطن بما سينعكس عليه سلبًا جراء هذا الانفجار السكانى؛ فيجب على المواطن أن يعى أهمية دوره جيدًا ويعلم مدى تأثيره فى مختلف الجوانب.
عقب ذلك توجهت الدكتورة ناهد عبد الحميد إلى الدكتور شريف الجيار، متسائلة عن مدلول الثقافة فى رأيه، ومن هو الذى يمنح لقب مثقف ولماذا؟ وما المقصود بجماعة المثقفين؟ تحدث الناقد الأدبى مشيرًا إلى أن هذه التساؤلات تعد وجودية بدرجة كبيرة، فإن اصطلاح الثقافة يشير إلى مجموعة المعارف الإنسانية التى يكتسبها الإنسان وتؤثِّر فى كيفية تفكيره وقدرته الاستيعابية للأمور، وبالتالى تنصهر تلك المعارف لتشكل سلوكه وأخلاقه، كما أن مفهوم الثقافة يتصل بالمجتمعات الإنسانية بالتبعية.
وأضاف الدكتور شريف الجيار، أن الثقافة تنتقل من جيل إلى آخر، وهو الأمر الذى يميز الشعب المصرى على وجه الخصوص، فلا شك أن شعبنا يمتلك مخزونًا ثقافيًا كبيرًا، ولابد أن يمثل المثقف شعبه بمختلف فئاته، بل هو صوت الشعب خاصة طبقاته الدنيا، وأن يساهم فى دعم الوعى العام ووضع حلول وبدائل تنويرية تخدم مستقبل الأجيال القادمة.
وشدد “الجيار”، على أن أهم أولويتنا فى سبيل النهضة الحقيقية هو بناء الإنسان المصرى، وهو الأمر الذى لن يتحقق دون وجود خطاب ثقافى تنويرى معتدل، يدحض فرص تنامى الإرهاب، موضحًا أن مفهوم: “المثقف العضوى” الذى طرحه المفكر الإيطالى “أنطونيو غرامشى”، مفترضًا من خلال تعريفه أن أهم سماته تتجسد فى أنه بما يمتلكه من علم ومعرفة، يتميز بالوعى بدرجة كبيرة، ويؤثر إيجابيًا فى مجتمعه فيه، فإن وعيه المتقدم على أفراد مجتمعه يدفعه بشكل مستمر، ويحمله مسؤولية حقيقية للمساهمة فى تجديد الفكر، بما يعزز تقدم ونهضة مجتمعه، وهو الدور الذى نحتاجه بدرجة ملحة الآن من مثقفينا.
وأشار “الجيار”، إلى ما رصده خلال تواجده فى النمسا حينما زار متحفًا أثريًا كبيرًا، وتوجه لجناح المصريات ليجده بطبيعة الحال أهم أجنحة هذا المتحف وأكبرها، وهو ما يُعد مؤشرًا لأهمية الحضارة المصرية، وأن مصر بالتأكيد هى فجر الضمير الإنسانى، وتشير أيضًا دراسات أخرى أن الحضارة المصرية العريقة بدأت منذ 36 ألف عام، وها نحن نكتشف عن تلك الحضارة العريقة المزيد والمزيد من الأسرار كل يوم، وفى مختتم كلمته أوصى وزارة التربية والتعليم بأن تضع فى مقرارتها للنشء بصفة خاصة، جانب من الأساسيات التى ترسخ حضارة أجدادنا المصريين العظماء، مثل أبجديات اللغات المصرية القديمة على سبيل المثال كحد أدنى للثقافة المخزنة فى وجدان المصريين، والتى ينبغى تعزيزها بطبيعة الحال، فلا شك أن الأهمية القصوى هى بناء الإنسان.
أما عن رؤية قضية الوعى، و دور الإعلام المصرى بين تلقين المواطن أو توجيهه، وكذلك عن مدى مساعدة الإعلام فى تجديد الفكر فى وجهة نظره، قال الكاتب الصحفى محمود مسلم، إن استهداف الدولة المصرية بالشائعات، من خلال بث أخبار مغلوطة، يهدف بالأساس إلى ضرب الثقة بين المواطنين والقيادة السياسية، فبات من المعتاد أن نرى العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، وهى تضرب بالمهنية عرض الحائط، فى مقابل تحقيق الأجندات الخاصة، فتبث الشائعات والأكاذيب ضد الدولة المصرية، تدعمها الجماعة المحظورة التى تضخ كل ما أوتيت به من أموال فقط من أجل ضرب استقرار الدولة المصرية، ولا شك أن تلك الجماعة التى اتخذت الديمقراطية سلمًا أوصلها إلى الحكم فألقت به، لكى لا يزاحمها أى فكر مغاير، لن تتوانى فى ضرب تماسك الصف المصرى شعبًا وقيادة بمختلف الطرق وفى مقدمتها متابعة نشر الشائعات والأكاذيب ضمن هذا الخطاب الإعلامى المسموم.
وحول قضية نشر الوعى، نوه الصحفى محمود مسلم أنها قضية مهمة ينبغى عدم حصرها ضمن مسؤوليات الإعلام المصرى الوطنى، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن نضعها على كاهل الإعلام وحده، فلا شك أن للإعلام دورًا مؤثرًا ومهمًا فى تلك القضية، لكن من الضرورى أن نجد تضافرًا حقيقًا للجهود بين جوانب وأركان الدولة كافة، بواسطة دعم مشروعات التعليم والتنوير ونشر الثقافة.
أما عن مشكلة العشوائيات، وكيفية تعامل الدولة مع تلك الإشكالية التى تُمثل إرثًا ثقيلًا، وأخيرًا ما مدى نجاحها فى ذلك، أوضح اللواء الدكتور محسن الفحام، أن مشكلة العشوائيات تتمثل فى كونها متناثرة بشكل كبير بغالبية أرجاء مختلف مناطق القاهرة والجيزة والإسكندرية إلخ، ويأتى خطرها الأكبر كونها توفر بيئة خصبة للتفريخ مستمرة لغالبية العناصر الخارجة عن القانون، والمتطرفة التى تغذى نمو الإرهاب بشكل رئيسى، فليس كل متطرف إرهابى ولكن العكس صحيح.
وتابع، أن السبب فى تحول العشوائيات لبيئة ملائمة لتفريخ العناصر الإرهابية يكمن فى اجتماع الفقر مع الجهل، لينشأ مع شباب تلك المناطق الشعور بأنهم مواطنين من الدرجة الثانية، وهو الأمر الذى تترتب عليه سهولة تجنيده والسيطرة عليه لصالح الجماعات الإرهابية أو المتطرفة، وعلى صعيد آخر فقد انتشرت نتيجة لذلك العديد من الظواهر السلبية الخطيرة، والتى لطالما كانت غريبة وبعيدة كل البعد عن الشعب المصرى بما لديه من قيم وأخلاقيات رفيعة اعتدنا عليها، وأبرز تلك الظواهر البشعة زنا المحارم وممارسة الدعارة، ولا شك فى أن ما قامت به الدولة المصرية كان الحل الأمثل، فكان القضاء على العشوائيات أحد أهم أهداف القيادة السياسية بحسبانها مناطق تشكل خطرًا من جميع الأوجه، سواء من كونها أحد مفارخ الإجرام والإرهاب والمخدرات أو أنها أحد منابع الجهل والأمراض، وتابع حديثه حول جهود الدولة وإنجازاتها فى هذا الإطار.
وأكد “الفحام”، أن محافظة القاهرة وحدها تضمنت حوالى 46 منطقة عشوائية، منها 15 منطقة مهددة للحياة وتتطلب إزالات فورية، ومنها أحياء متاخمة لمناطق جبلية، فضلًا عن عشرات المناطق العشوائية التى تُعد غير ملائمة للسكن الآدمى، وتشكل خطورة صحية وبيئية على المجتمع المصرى؛ لذا حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على الاهتمام بقضية العشوائيات، إلى أن تتابع افتتاح مشاريع القضاء على العشوائيات، مثل: الأسمرات 1 والأسمرات 2 ومشروع المحروسة وأهالينا، وهو ما يؤكد جهود الدولة المكثفة تجاه المواطن المصرى، لكى ينعم بوطن بلا عشوائيات.
ختامًا قدم المطرب محمود درويش وصلة غنائية بمصاحبة فرقة كنوز الموسيقية؛ حيث قدم بعض الأغنيات، من بينها: “قدك المياس” و”بالأحضان”، وفى نهاية الفقرة الختامية التى نالت استحسان الحضور وتصفيقهم الحار، أعربت مؤسسة ملتقى الهناجر الثقافى الدكتورة ناهد عبد الحميد عن عميق شكرها للمشاركين والحضور كافة.