متابعة – علاء حمدي
عقد قطاع شؤون الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى بعنوان: “رمضان ومحبة الأوطان”، وذلك فى التاسعة من مساء أمس الاثنين، بمركز الهناجر للفنون بساحة دار الأوبرا المصرية، وأدارته الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة الملتقى ومؤسسته، وشارك فى الملتقى الدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، ونيافة الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، كما استمتع جمهور الملتقى ومتابعيه بعدة فقرات فنية رمضانية مميزة، قدمتها فرقة المولوية بقيادة الفنان الدكتور عامر التونى، وذلك بحضور الفنان شادى سرور مدير عام مركز الهناجر للفنون، بالإضافة حضور إلى كوكبة كبيرة من المثقفين والنقاد ورجال الصحافة والإعلام، وشهد الملتقى الالتزام بالإجراءات الاحترازية واتباع جميع التعليمات الإرشادية التى أقرتها وزارة الصحة والسكان، حفاظًا على صحة وسلامة المواطنين.
فى البداية رحبت الدكتورة ناهد عبد الحميد، بضيوف الملتقى والسادة الحضور، وقالت إن شهر رمضان المعظم شهر الخير والتسامح والسلام، ونشر التراحم والمحبة بين الجميع، وتحلو لنا فى لياليه الجميلة أطيب الأوقات المليئة بالتسابيح والذكر والصلاة على رسول الله المصطفى (ﷺ)، وأشارت إلى إن شهر رمضان يبعث البهجة والفرحة والسرور فى النفوس، ويجدد الإيمان فى القلوب، وينشر التواصل والتراحم والألفة والمودة فى كل بيت مصرى، كما أن شهر رمضان يبعث الفرحة والبهجة والسرور فى النفوس، وينشر الإيمان فى القلوب، أعاده الله علينا بكل المحبة والرخاء.
وتابعت حول موضوع الملتقى: شهر رمضان ومحبة الأوطان، مؤكدة أن من ينظر إلى هذا الشهر ويتأمله سيجده كذلك شهر الملاحم والانتصارات، فقد أسبغ الله سبحانه وتعالى على هذا الشهر الفضيل كثيرًا من الفضل والعطايا والمنح، وجعله ميقاتًا لأداء فريضة الصوم بما لها من فضائل فى تقوية العزيمة والصبر، وأنزل في أيامه المباركة أيضًا كتابه العزيز، وإذا نظرنا فى كتب التاريخ، سيتضح لنا أن أهم الانتصارات والملاحم شهدها شهر رمضان الكريم بداية من غزوة بدر، التى وقعت فى العام الثانى الهجرى، وصولًا إلى انتصارات العاشر من رمضان عام 1973، إنه شهر رمضان الذى نستلهم نفحاته، ونستعين بروح انتصاراته فى مواجهتنا لخفافيش الظلام وأصاحاب الأفكار الظلامية، التى أوقعتنا فى براثن التطرف والإرهاب لسنوات وسنوات، وانتصرنا عليها بفضل الله تعالى، الذى حبانا بقوة الإرادة الوطنية المصرية، تلك السمة التى تتميز بها الشخصية الوطنية المصرية، صاحبة الحضارات المتتابعة عبر التاريخ، الحضارة المصرية التى جعلتنا شعبًا مصريًا واحدًا يمتلك هويته الفريدة مما يزيد عن سبعة آلاف عام.
وأضافت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤستسه، أن احتفالنا جميعًا بحلول شهر رمضان المبارك، وأحد الزعف، وعيد الفطر، وعيد الأضحى المبارك، وعيد الميلاد المجيد، وشم النسيم، وسبت النور، والمولد النبوى الشريف، يؤكد الشراكة التى أساسها وقوامها المحبة والألفة والتسامح والأخوة، ولا يأتى احتفالنا بتلك المناسبات بسبب كونها مناسبات دينية مباركة وسعيدة فحسب، بل لأنها تمثل هوية وطن فى الأساس، تجعلنا نشعر بالهوية الخاصة لهذا الوطن، من خلال زيارتنا للمساجد والكنائس العتيقة ونرى المآذن والأديرة، ونزور شارع المعز وبيت الست وسيلة وقصر الأمير طاز وسبيل أم عباس، ومسجد الرفاعى ومسجد السلطان حسن ونتجول فى الكاتدرائية المرقصية بالعباسية التى تحتضن المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، هذا المركز الوطنى العظيم الذى يقدم كل خدماته التعليمية والثقافية والتنويرية والمجتمعية وما أكثرها من خدمات مجانية، يقدمها المركز الثقافى القبطى لكل المصريين مسلمين ومسيحيين، وكذلك حينما نذهب لزيارة الأهرامات والمعابد المصرية القديمة، نطرح على أنفسنا سؤال، هل الغرض الأسمى لمحافظتنا على هذه المواقع والمزارات التاريخية الرائعة هو حفظ تراثنا وحضارتنا العريقة فقط؟ بالطبع لا؛ فإنها ترمز إلى هوية وطننا وتشكلها فى المقام الأول، لكى ترسخ داخلنا المعنى الحقيقى لكلمة وطن، تلك الكلمة المكونة من ثلاثة حروف وكثيرًا ما نستخدمها، وأحيانًا نتساءل ما معنى كلمة وطن؟ هل تعنى الجغرافيا بلا تاريخ أم كلاهما معًا؟ أم هى ضميرنا الجمعى أو عقلنا الجمعى؟ هل تشير إلى أجدادنا القدماء أصحاب أقدم حضارة، وتتوالى التساؤلات هل وهل وهل، فيبقى السؤال ما معنى كلمة وطن؟ وهل يجب علينا كمصريين أن نعبر عن محبتنا لبعض فى أوقات الأزمات فقط أم يجب أن يكون هذا فى مختلف الأوقات؟ حقًا فنحن نحمل جينات ثقافية شكلت هويتنا المصرية، التى ظلت صامدة منذ فجر التاريخ حتى اليوم، لكى تجعلنا دائمًا نعى المعنى الحقيقى للتسامح والمحبة والترابط، المعنى الحقيقى لكلمة وطن.
من جانبه قال الدكتور أسامة الأزهرى فى بداية حديثه: “أولًا خالص الشكر والاحترام والتقدير إلى الدكتورة ناهد عبد الحميد وإلى مسرح الهناجر وإلى كل طاقم العمل المتضافر على إخراج هذا الأداء الثقافى والفكرى والتنويرى الذى نعتز به، ونكن للدكتورة ناهد فى شخصها الكريم أسمى آيات الاحترام والاعتزاز والتقدير كمثقفة ومفكرة مصرية تمثل رمزًا مصريًا نعتز به، أيضًا قبل أن أنتقل إلى الإشادة والترحيب والحفاوة والإكرام لبقية رموز هذه الأمسية، أجد أنى مدينًا بتهنئةٍ واعتذارٍ فى نفس الوقت، أما التهنئة فهى للدكتورة ناهد عبد الحميد لأن اليوم هو عيد مولدها، والاعتذار لأننا فوجئنا حينما وصلنا للأمسية علمنا أن موعد الأمسية حال دون احتفالها مع أسرتها بهذه المناسبة، ولو علمنا قبل ذلك بوقت كاف كنا قد استطعنا تنسيق موعد أخر لهذه الأمسية، ثم أهنى بعد ذلك بتحية تقدير ومحبة وإعزاز، وبترحيب كبير الصديق العزيز الحبر الجليل نيافة الأنبا إرميا؛ الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، الذى عرفناه وعرفته مصر مفكرًا مصريًا كبيرًا، ورجلًا وطنيًا بامتياز ورمزًا من رموز الكنيسة المصرية العريقة، وقد جمعتنا به ندوات ومؤتمرات ولقاءات شتى، فى مختلف مناطق الوطن؛ فما رأينا من سيادته إلا العلم ونبل الشخص، حتى انعقدت بيننا وبينه صداقة نعتز به كثيرًا، وأنا اليوم فى الحقيقة فى غاية السعادة لوجوده وتشريفه هذه الأمسية، وأقدم لصاحب النيافة التهنئة للصيام الكبير وبعيد القيامة وبالعيد القريب أيضًا، الأعياد المترابطة والمتكررة التى تتزامن مع أيام شهر رمضان المعظم، والتى تتواكب مع عيد الفطر المبارك، خالص التهنئة لصاحب النيافة ولكل شقيق مصرى مسيحى كريم على أرض الوطن، وندعو الله جل جلاله أن يجعل أيامنا كلها بركةً وسرورًا وفرحًا وحضورًا يا رب العالمين، ثم أقدم تهنئة كريمة وشكرًا خاصًا للصديق العزيز الدكتور عامر التونى وفرقة المولوية بكامل أبنائها الكرام الذين شرفنا بهم اليوم، حيث تقدم فرقة المولوية تقدم نمطًا من الفن الرفيع الخالص الممتلىء بالروحانية والإنشاد والابتهال والمديح النبوى، فى سلسلة متتالية ومتتابعة من رموز الإنشاد يأتى على رأسهم المرحوم الكبير الشيخ طه الفشنى، والمرحوم الشيخ كامل يوسف البهتيمى والمرحوم الشيخ الطوخى والمرحوم الشيخ عمران والمرحوم الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ سيد النقشبندى، ليأتى اليوم الفنان الكبير عامر التونى وفرقة المولوية لتنضم إلى هذه السلسلة التى هى نمط مصرى أصيل أطرب آذان المصريين بمكارم الشريعة وملأ آذانهم مدحًا لسيد الخلق (ص)، وحبًا وكرمًا وصدقًا وتخلقًا وشيمًا وآدابًا رفيعة، نمط من الابتهال والإنشاد يمثل المدرسة المصرية العريقة فى فنون الابتهال والإنشاد، تلتحق بالمدرسة المصرية الأصلية فى فنون تلاوة القرآن الكريم، التى يتربع على قمتها المرحوم القارئ الكبير الشيخ محمد رفعت، الذى ارتبط فى وجدان المصريين بشهر رمضان المعظم، ونجد خشوعًا خاصًا وسكينةً وتجليًا ونفحة وروحانية وتحليقًا فى آفاق السماء مع آيات القرآن العظيم والذكر الحكيم فى تلاوة المرحوم الشيخ محمد رفعت، كلما اقترب وقت أذان المغرب فى كل يومٍ من أيام رمضان وانطلقت تلاوته كأنها فيضٌ سماوىٌ يتنزل ويتجلى، وكذلك المرحوم الأستاذ الكبير محمود خليل الحصرى والشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمود على البنا والشيخ محمد صديق المنشاوى رحمة الله عليهم جميعًا، وعد من هؤلاء العشرات والمئات من رموز وشموس تلاوة القرآن الكريم، مازلت أكرر مصطلح المدرسة المصرية الأصيلة والعريقة فى تلاوة القرآن الكريم وفى الإنشاد والابتهال، فضلًا عن رموز المدرسة المصرية فى سائر ميادينها ومجالاتها، ومن رموز المدرسة المصرية الوطنية العريقة البابا تواضروس بكلمته الوطنية الخالدة التى قالها فى أحد الأيام: “وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن”، وأنا كمواطن وإنسان مصرى مسلم أعتز بهذه الكلمة من أخى وشقيقى المسيحى، هذه الكلمة الوطنية الخالصة، التى حفرت فى قلوبنا جميعًا كمصريين الامتنان والعرفان، والتى هى ليست بغريبة عن تاريخ الكنيسة المصرية الوطنية العريقة والكريمة.”.
فيما قال نيافة الأنبا إرميا: “بسم الإله الواحد الذى نعبده جميعًا، أخى وصديقى فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى العالم والعلامة ومستشار السيد رئيس الجمهورية، الشيخ المثقف والمعلم والمفكر الذى يقدم لمصر التى علمته كل خير، الحفاظ على هذا الوطن الغالى الذى نعيش فيه، الأخ الدكتور عامر وفرقة المولوية التى دائمًا ما تنقلنا من الحياة وسط مشاغلنا فى هذه الأرض إلى سمو الروح، الأستاذة الدكتورة ناهد عبد الحميد، الأخت الفاضلة صاحبة هذا الملتقى التى تستضيف مفكرى مصر فى هذا المكان، هى أم فاضلة وزوجة جمعت بين الأمومة واكتسابها من العلم الكثير، وأعطت من هذا العام لوطنها الحبيب بحب شديد، ضحت كثيرًا وسافرت من مكان إلى مكان، هى حمل وديع فكان يومنا هذا من هذا الشهر الذى تحتفل فيه بعيد مولدها؛ فهى تنتمى لبرج الحمل تحس بمن حولها تستطيع أن تقرأ عيونهم بعمق بالغ، وكما قلت هى معلمة ومربية مثقفة، نهنئها بعيد ميلادها وكما قال فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى نحن نعتذر لأسرتها لأننا أخذنها منهم لكى نحتفل جميعًا برمضان وحب الأوطان، حضورنا الكريم مثقفى مصر، بداية أحب أن اهنئكم جميعًا فى مصر والعالم العربى والإسلامى بأسره بهذا الصوم الذى يأتى كل عام فى شهر رمضان، متمنيًا كل الخير والسلام لبلادنا فى المنطقة والشرق الأوسط والعالم أجمع، فى الحقيقة فترة الصوم تكون من أجمل الأيام فى العام، وأقربها لقلب المصريين الذين عبروا على مدار التاريخ بعمق محبتهم الشديدة لله عن طريق الصوم؛ لأن بالصوم يتحرر الإنسان من ذاته، ويدرب نفسه على إخضاع الجسد وإرادته بعيدًا عن رغباته، متجهًا نحو محبته لله سبحانه وتعالى، وفى هذا العام يتزامن صوم رمضان مع الصوم الكبير؛ فنجد الشعب المصرى بأكمله صائمًا، وهذا ما يميز مصر فى احتفالاتها.”.