اخبار عاجلة

تايا حبيبتي سنوحي ياروحي

 

 

قصة قصيرة بقلم: ناصر عبد الحفيظ

 

 

كانت الشمس ترسل أشعتها الذهبية على صفحة النيل، تراقصها أمواج هادئة تعكس زرقة السماء الصافية. في ضوء الغروب الدافئ، جلست تايا وسنوحي على حافة المرسى، الذي يشبه ممشي اهل مصر غير انه تحول الي مصر القديمة

 

حيث تراقصت أعين الحبيبين مع المراكب التي تختلف أشكال كلا منها عن الاخري وهي تمر أمامهما وبهما من مختلف الجنسيات التي جاءت من بلادها لزيارة نهر النيل الخالد المراكب مزينة بالورود والممشي تغطية الرسومات المصرية القديمة بألوانها المبهجة استعدادًا لاحتفال قريب.

 

كان النسيم العليل يداعب خصلات شعر تايا الذهبية صاحبة الملامح الهادئة وكان سنوحي ينتظر لحظة شرودها ليتفحص هذا الجمال الرباني كان شعرها المتطاير يكشف عن شعرة ذهبية وأخري سوداء ، هذا الشعر الذي انسدلت خيوطه الحريرية فوق كتفيها برقة وانساب حتي اقترب من قدميها ، بينما كانت عيناها العسليتين تأخذ لونا مختلفا كلما توجهت نظراتها الي الشمس تتأملان انعكاسها علي المياه في شرود.

 

كانت ترتدي رداءً خفيفًا من الكتان الأبيض، مشدودًا بحزام ذهبي عند خصرها، تتلألأ عليه بعض النقوش التي تعكس ضوء الشمس. وكأنها لوحة خرجت للتو من جدارية مصرية قديمة

 

أما سنوحي، فقد كان جالسًا بجانبها، ببشرته الخمرية التي ازدادت توهجًا تحت نور الغروب، وشعره الأسود الفاحم يتطاير مع النسيم، بينما كانت قلادة مطرزة بالأحجار الكريمة تلمع على صدره،

 

نظر إليها بابتسامة وقال ممازحًا: “على فكرة، فضلت أدور طول اليوم علي معنى اسمك

 

تايا : تنتبه في ابتسام ولقيت ايه

 

لقيت معناه حب نقاء صفاء

 

تايا : صفاء صاحبتي علي فكرة

 

سنوحي : مبهزرش علي فكرة كنت مستني يكون تايا لهم معني اكتر تشويق من كده

 

تايا : تشويق دا احنا دخلنا في التريقة بقي

 

سنوحي : محاربة النيل اسم لايق عليكي ولا سيدة الاسرار المصرية

 

ضحكت تايا وهزّت رأسها وقالت:

 

فاكرني مسكت في اسمى ودورت علي معناه طب اسمك النبي أوزوريس حارسك مدورتش عليه

 

سنوحي : اسمي النبي أوزوريس حارسني دا انتي طلعتي لفه ودايره

 

طبعا : وانت فاكرني ايه لفه ودائره امال عايزني بكلمتينك دول أسخسخ واقول فيك شعر

 

سنوحي : وانا اللي كنت فاكر انك مهتميه بيا وهتقوليلي أنا كمان دورت علي معني اسمك وكده

 

تايا : دا انت قديم قوي مش أسطوري ولا حاجه في الآخر طلعت اسمك معناه

 

 

سنوحي : بجد !

 

تايا : لامش بجد

سنوحي : قولي قولي

تايا : القوة والحكمة..

 

سنوحي : أنا مبسوط أنا فرحان

 

تايا : اسمك مافيهوش مغامرات ولا حاجة زي ما كنت متخيلة!”

 

رفع سنوحي حاجبيه بدهشة زائفة وقال: المهم اني أنا بقى الرجل طلعت الراجل المثالي؟

 

 

الراجل القوي اللي هيحمي اللي بيحبها؟

 

يبقى لازم أفكرك بكده كل ما تحاولي تشككي في علاقتنا وإنها هتكمل وهنتجوز وهنبني بيت

 

 

أجابته تايا ضاحكة: “ما تبقاش واثق أوي كده أنا برضه جميلة زى ما شكلي وكمان اسمي بيقول

 

بس ياسنوحي الجمال ساعات بيجيب المشاكل!

 

ابتسم سنوحي وهو ينظر إليها بحنان لكنه شاف في عينيها شرود، كأنها بتبعد عنه رغم إنها قاعده جنبه. أخد إيديها بين إيديه

 

وقال بهدوء: تايا ليه بتسيبي الخوف يسرق مننا لحظاتنا ليه مش بتثقي فيا

 

أنا هنا معاكي ومش رايح في أي حتة تاني وعمري ما هسيبك

 

رفعت عينيها وقالت مع نفسها ” ليه القلق مخلوطين زي جدران ضيقة مبتنكسرش

 

سحبت إيديها ببطء وقالت بصوت خافت كأنها بتنطق حكم مفيش رجوع فيه

 

تايا : الحب لوحده مش كفاية يمكن في يوم تلاقي حد أحسن مني

 

كانت تايا تتنفس الصعداء في ذهول سنوحي

شعرت تايا ان في اللحظة دي، تهامست كيانات فرحة داخلها تخبرها بأنها انتصرت وتخلصت من القيود التي كادت ان تكبل نفسها بها

 

 

كان سنوحي يسترجع جلسه له مع والدتها تقول له

 

 

والدة تايا: انت عارف ياسنوحي اللي بيسحروا وبيحقدوا كتير والخلق فيه عوالم مش بس أنس وجن واحنا في وسطهم بشر نعمل الغلط والصح

 

كانت تايا تنتظر ان يقول لها سنوحي شيئا يؤذيها لتأخذه ذريعة وتمشي غاضبة

 

لكن شيئا بداخله بصوت ملائكي همس في أذن سنوحي جعل قلبه ما يرفض الاستسلام

 

احس بانقباض في قلبه، كأن الهوى يقل في المكان تسارعت ضربات قلبه وأزرق وجهه . كان يحبها كثيرا ،

 

سنوحي : لنفسه حاسس اني بحارب لوحدي في معركة مش متكافئة.

 

أخد نفس عميق وقال بصوت هادي مشحون بالاحاسيس

 

سنوحي : تايا مفيش حد أحسن من حد في الحب

الحب مش مقارنة ومش سباق. الحب اختيار وأنا اخترتك تبقي شريكتي

 

لم تعتبر تايا كلمات سنوحي سوي محاوله لتقييدها عن حريتها ولم تصدق ماقاله واصبحت غير قادرة علي الرد كانت بقايا أفكارها الراكده التي زرعت في دماغهاوقالت لنفسها

تايا : الحب ده هش، و هيقع في أي لحظة. ليه أعيش لحظة السعادة وانا متأكدة إنها مش هتدوم.

 

ثم عاودت الحديث لنفسها

 

تايا : أنا مستحقش الأمان اللي بيحاول سنوحي يديهولي.

 

كل مرة كان بيحاول يطمني ، وانا بنقيله من الكلام القاسي

 

كان سنوحي يشعر انه بيطعن في قلبه. كانت فاكرة إنها بتحمي نفسها لكنها في الحقيقة كانت بتوجع نفسها أكتر.

 

دخل الليل وبعد كلام طويل، ساد الصمت المكان إلا من أنفاسهم المتوترة.

 

وقف سنوحي وبص ليها بنظرة مليانة حب وحزن وقال بصوت هادي لكنه مؤلم

 

سنوحي : تايا إنتِ اللي بتبعديني عنك مفيش حد بيحارب الحب بنفسه زيك.

 

وانا عارف ان الكمال لله ومفيش حد عنده الكمال كله ولا الجمال كله

 

بس إنتِ عندك حاجة أجمل من الملامح عندك قلب وعندك روح وعندك عقل بس مش بتثقي فيهم. وأنا للأسف مش هقدر أحب حد مش شايف نفسه زي ما أنا شايفه.”

 

في اللحظة دي، هبت ريح خفية في المكان، صرخة غضب انطلقت وكان أحفاد إبليس كانوا يتابعون ويشعرون أنهم كانوا خلاص قربوا ينجحوا

 

لكن سنوحي رفض يستسلم. أما به جانب ملائكي ، قدر بكلامه الأخير يبعت شعاع أمل لقلب تايا، خلاها تفكر للحظة، تعيد التفكير.

 

كانت كلماته زي صفعة على وشها، لكنها ماردتش. حست كأنها كانت ماشية في نفق ضلمة، والكلام ده بعت لها نور بسيط، لكنه كان موجع. نظرت لسنوحي وهو خارج من المنشئ ناحيه الباب، وقلبها بيصرخ باسمه، لكنه مسمعش، أو يمكن سمع واختار مايبصش ورا.

 

ساد صمت تقيل، مكنش فيه غير صدى خطواته البعيدة ونفسها المتقطع. اخرجت من حقيبتها مرآه وقربت وجهها، لكنها لأول مرة مشافتش ملامحها، شافت روحها المرهقة، اللي كانت بتتجاهلها من زمان.

 

أدركت إن الجمال لوحده مش المشكلة، وإنها هي اللي صنعت تعاستها بإيديها. كانت بتحاول تحمي نفسها من الألم، لكنها أدركت إنها في الحقيقة كانت بتحجب عن نفسها النور.

 

وقالت. لنفسها : يا ترى، فات الأوان اني اصلح اللي حصل؟

 

مكنش الجمال لعنة، ومكنش الحظ وحش، كانت بس افكاري هي اللي سرقت مني السعادة ، وبعدت عني الراجل اللي حبني بجد.

 

بس الحب الحقيقي، ممكن يستنى؟

تقف فجأة

يمكن يستني ويمكن لأ

شاهد أيضاً

العربي للتنمية الاجتماعية ينظم مائدتين لإفطار الصائمين بالقاهرة والجيزة ويوزع 2200 وجبة غذائية يوميا بالمحافظات

  كتب: وليد سلام   أطلق الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية المستدامة برئاسة الدكتورة ريهام العاصي, …