سمير السعد
لا يمكن للرصاص أن يكسر إرادة الشعوب، ولا يستطيع القتل أن يطفئ جذوة المقاومة. عبر التاريخ، علّمتنا القضايا العادلة أن دماء الشهداء تنبت أحرارًا، وأن النساء اللواتي يُفجعن بفقد أبنائهن اليوم يُنجبن أبطال الغد.
في “غزة ” تلك الأرض الصغيرة بحجمها الكبيرة بصمودها، تُسطَّر أعظم ملاحم البطولة. أطفالها الذين وُلدوا تحت القصف وحملوا الألعاب بين الأنقاض، يحملون اليوم راية الحرية. أمّا أمهاتهم، فقصصهنّ هي صفحات مشرفة في تاريخ النضال ، أمهات الشهداء اللواتي لا تنحني جباههنّ إلا في الدعاء، يُجدّدن العهد كل يوم بأن القدس ستعود.
إنها ليست معركة صواريخ وأسلحة فقط، بل معركة كرامة وهوية. على خطى الشهداء، أبناء نصر الله ورفاقهم الذين أضاءوا بدمائهم دروب التحرير، يستمر الصوت المقاوم في الصعود فوق الضجيج العالمي.
أما أولئك الذين يتوهمون أن الحصار والقصف قادران على إنهاء المقاومة، فإنهم يغفلون عن حقيقة أن الشعوب الحرة تقاوم حتى الرمق الأخير. وفي كل أم شهيدة يولد الأمل بتحرير الأقصى.
“غزة ” برجالها ونسائها، بأطفالها وشيبها، هي رسالة إلى العالم: مهما اشتد الظلم، فإن الصمود أقوى، ومهما زاد القهر، فإن العدل آتٍ لا محالة.
“من قلب الجراح يُولد النصر، ومن رحم الألم تُصنع الحرية”.
في كل ركن من أركان الأمة، تنبض القلوب بحب القدس. هي ليست مجرد مدينة، بل قضية تتوارثها الأجيال، كالنور الذي لا ينطفئ. أعداء الحق قد يظنون أنهم بتدمير البيوت وقتل الأطفال يمحون الأمل، لكنهم يزرعون دون أن يدروا بذور المقاومة في كل قلب وفي كل وجدان.
عندما نرى “أطفال غزة ” يقاومون الحصار بابتسامة، وعندما نسمع صيحات التكبير تصدح رغم القصف، ندرك أن الحرية ليست حلمًا بعيد المنال، بل حقيقة يكتبها الأبطال بدمائهم. هي رسالة لكل طاغية: لن تنكسر الشعوب التي تؤمن بعدالة قضيتها، ولن ينكفئ المقاومون الذين يعرفون أن الموت في سبيل الحق حياة أبدية.
ومهما بدا المشهد حالكًا، فإن الله وعد المؤمنين بالنصر. ليس بالأعداد ولا بالعتاد، بل بالإيمان والصبر. “غزة اليوم ” هي رمز لهذا الإيمان، و ” والقدس غدًا ” ستعود على أيدي هؤلاء الذين لم يهابوا الطغاة ولم يخشوا الجبروت.
كلما نكتب هي ليس مجرد كلمات، بل نداء لكل ضمير حي، لكل إنسان يؤمن بأن الظلم لا يدوم وأن الحرية تستحق التضحية. لنقف جميعًا مع المقاومة، فهي ليست دفاعًا عن أرض فقط، بل عن كرامة كل إنسان يؤمن بالعدالة.
“القدس أمانة في أعناقنا، وغزة هي البوصلة. النصر وعد الله، والمقاومة طريقه.”
“غزة ” التي حملت على كاهلها همّ الأمة جمعاء، ليست وحدها في هذا الطريق. من قلب كل أم ثكلى، ومن دمعة كل طفل فقد أمانه، ومن صرخة كل أب يدفن أبناءه بيديه، يولد عهد جديد بأن الأرض لن تُترك، وأن القضية لن تموت.
الاحتلال، الذي يُمعن في استهداف البشر والحجر، يجهل أن ما يدمره اليوم سيُبنى غدًا بأيدٍ أقوى وعزيمة أشد. فكل بيت يُهدم، يبني في المقابل صرحًا في قلوب الأحرار، وكل روح تُزهق، تخلد ذكرى في وجدان أمة لا تنسى.
” غزة “ليست حكاية ألم فقط، بل هي أيضًا حكاية أمل. بين ركام المباني تنبت أزهار التحدي، وفي ظلمة القهر يشرق نور الإرادة. إنها مدرسة الحياة للأجيال القادمة، تعلمهم أن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع، وأن الأوطان لا تُباع ولا تُشترى، بل تُستعاد بالتضحيات.
وإلى الأمة العربية والإسلامية، نقول: إن الدفاع عن “القدس ” و “غزة ” ليس واجب الفلسطينيين وحدهم، بل هو واجب كل من يؤمن بأن الظلم عدو الإنسانية، وأن الحق لا يسقط بالتقادم. لنكن سندًا وعونًا، بالكلمة والفعل، بالدعاء والدعم، لأن المقاومة ليست خيارًا، بل قدر كُتب على الأحرار أن يحملوه.
“وإن غدًا لناظره قريب… القدس تنتظر، والمقاومة تعد العدة، والنصر قاب قوسين أو أدنى.”