اخبار عاجلة

شيرين العدوي تكتب أحدث ابداعاتها ” آلان تورنج والمثلية “

تصدمنا دعوات الغرب لممارسة الحريات وعلى رأسها المثلية. ويروج لها بشكل يجعلنا نتسائل لماذا التركيز على هذا الموضوع بالذات وخصوصا عبر الكمبيوتر؟! ولن أقف صامتة وأنا أرى الشباب السوي الذي ليس لديه خطأ هرموني أو جيني وهو يجاهر بالمثلية وكأنه وسام وشرف.

ربما نستشعر الإجابة في قصة “آلان تورنج” عالم الرياضيات والفيزيائي العبقري الإنجليزي الذي يعزى إليه تطور الحاسوب، حيث قدم صياغة جديدة لمفهوم الخوارزمية والحوسبة باستخدام “آلة تورنج” التي يمكن اعتبارها من بين النماذج الأولى لما عليه الكمبيوتر الآن.

وجدتني أربط بين قصته وبين محاولة الترويج للمثلية والإصرارعلى الانتصار لها. حيث ينظر إلى تورنج على أنه أبوعلوم الكمبيوتر النظرية والذكاء الاصطناعي. فالعالم مدين له بشكل ما عن الثورة الرقمية. سنجد في قصته ما يوقفنا طويلا لنتأمل لماذا أيقونة التفاحة المقضومة رمزا لأبل ماكنتوش ولماذا تمرير مقاطع الفيديو أو مقاطع عبر موقع نتفلكس وغيره.

ولد تورنج عام 1912م في لندن، وتخرج في جامعة ” كينجز كوليدج” بكمبريدج عام 1934 وحصل على مرتبة الشرف الأولى في تخصص الرياضيات، وانتخب في عام 1935 وعمره 22 عاما زميلا في الجامعة نفسها؛ لقوة أطروحته التي أثبت فيها “مبرهنة النهاية المركزية “لعالم الرياضيات فالديمار ليندربرج وكانت هذه المبرهنة جديدة على الوسط العلمي آنذاك.

وقد سُمِّي قسم الكمبيوتر في الجامعة على اسمه نظرا لإسهامته في العلوم بصفة عامة، والرياضيات البحته والحوسبة بصفة خاصة. وقبل التعليم الجامعي في عمر 13 عاما التحق بمدرسة شيربورن الداخلية وقد ظهرت عبقريته الرياضية جلية في سن 16 عاما حيث درس أعمال وأطروحات ألبرت أينشتاين وتمكن من استيعابها، وانتبه إلى تساؤلات أينشتاين فيما يخص قوانين نيوتن للحركة من نص علمي لم ينتبه إليه أحد قبله.

وقد كون آلان في هذه الفترة صداقة مهمة مع زميله كريستوفر كولان موركوم الذي وصفه بأنه “حبه الأول” إلا أنه في عام 1930 مات كريستوفر بسبب مرض السل البقري، وتسبب هذا الحدث في حزن شديد لتورنج مما دفعه للاهتمام بعلوم الفلك التي شغف بها كريستوفر وفاء له.

كان تورنج بعيدا عن الأضواء نظرا لخطورة دوره السري مع الجيش الإنجليزى في حل الشفرات السرية لمعسكرالأعداء النازي خلال الحرب العالمية الثانية؛ حيث عمل عام 1938 في مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، ومدرسة “سايفر” وهي منظمة حل الشفرات في بريطانيا زمن الحرب.

وقد استطاع آلان تحليل شفرات آلة التشفير المشهورة “إنجما” التي استخدمتها ألمانيا النازية في تشفير اتصالاتها؛هُزِمت ألمانيا عن طريق فك هذه الشفرة بآلة كهروميكانيكية اخترعها تورنج على غرار جهاز مبومبا البولندية. وقد سمى آلته تلك على اسم صديقه “كريستوفر” . وقد عمل تورنج في المختبر الفيزيائي الوطني وصمم محرك الحوسبة الأوتوماتيكي وهو أحد التصميمات الأولى لما يعرف بالحاسوب المخزن للبرامج، حيث ساعد في تطوير أجهزة كمبيوتر مانشستر.

ولأن أعماله كلها سرية من أجل بريطانيا لم يذع صيته حيث يعتبر كل ما قام به من أسرار الدولة العظمى. حوكم تورنج بتهمة العلاقات المثلية وحكم عليه بما يسمى بالإخصاء الكيميائي كعقاب بديل عن السجن.

لم يتحمل تورنج هذا العلاج فسمم نفسه بمادة السيانيد القاتلة عام 1954 وعمره 42 عاما وقد وضع هذه المادة في تفاحة وقضم منها قطعة واحدة فمات فورا وربما نستغرب من أيقونة أبل ماكنتوش أنها على شكل تفاحة مقضوم منها جزء تخليدا لذكراه واعتذارا له، وهذا ما جعل الجميع يعتذر له وعلى رأسهم ملكة بريطانيا ورئيس الوزراء؛ بل أصدرت ملكة بريطانيا عفوا ملكيا عنه عام 2013 وكرم بعمل جائزة باسمه، وتمثال يخلده.

أكتب قصته وأعلم أنه لم يكن لديه خلل جينى أو هرموني لكي ينجذب لمن مثله لو انتبه الآباء لما يحدث مع الأبناء في الصغر لقضينا على هذه الآفة.

شاهد أيضاً

سلسلة مقالات “حكمة من كتاب”

بقلم / محمد ابراهيم ربيع كاتب و محلل سياسي  نذكر لحضراتكم ‏بعض الاقتبسات من كتب …