ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط ليس إلا تهيئة العالم إلى حرب نهاية الزمان، الحرب التي أختار لها صانع القرار العالمي أن تكون في المنطقة العربية لإبعاد الخطر عن أوروبا، وهو لا يعلم أنه يتحرك وفق مشيئة الله، وأن ترتيبات البشر مهما ظنوا أنها تحقق أهدافهم ومصالحهم الشخصية، فإنها تحقق ترتيبات الله للكون، قد يتشائم الكثيرون ويخافون على مستقبل الشرق الأوسط بعد كشف المخططات الصهيوامريكية التي تحاك للمنطقة، بينما يطمئن آخرون بأنه لا يحكم أحد في ملك الله إلا بأمره… أريدك عزيزي القارئ أن تقرأ وتطمئن.. تقرأ وانت مدرك أن كل شئ يسير إلى ما قدر له خيراً وشراً.. حياةً وموتاً.. انتصارا وهزيمةً .. فرحاً وحزناً .. بقاءا ورحيلاً..
عزيزي القارئ.. بعد ضرب كل البنية التكنولوجية والأسلحة الإستراتيجية بعيدة المدي، نجحت إسرائيل في إعادة سوريا للعصر العسكري الحجري .. وتمددت داخل الجولان واحتلت 300 كم مربع من الأراضي السورية، والغت إتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 .. أي إعلان الحرب علي سوريا بمجرد سقوط بشار الأسد وهروبه إلى روسيا.. بوضوح إسرائيل أزالت سوريا من الخارطة العسكرية بعد ساعات من رحيل الأسد.. وهو أمر شديدة الخطورة، يتجاوز فرحة التخلص من حكم الأسرة العلوية الدكتاتورية في سوريا إلى مخاوف من تفكك دولة عربية شقيقة وتحولها إلى عدة دويلات طائفية وعرقية متصارعة.. رغم كل رسائل الطمئنة التي صدرت خلال الأيام الماضية.
وفق خبراء فإن تحركات إسرائيل الأخيرة نحو محيطها العربي تعتمد على تنفيذ «خطة الجنرالات» أو «إستراتيجية نتنياهو».. الهادفة إلى إسقاط كل الاتفاقيات السابقة، بداية من اتفاقية الهدنة وفض الاشتباك لعام 1974، وحتي اتفاقيات وادي عربة وكامب ديفيد واوسلو، فكل الاتفاقيات الدولية للسلام بعد حرب أكتوبر أصبحت علي المحك منذ عملية طوفان الأقصى.. إسرائيل تمارس فائض القوة على دول الجوار العربي وتري نفسها دولة غير عادية فوق القانون.. دولة لا يحكمها القانون الدولي وتمارس قانونها الخاص بغطاء أمريكي.. ما يمكن أن نطلق عليه «عصر الفوضي وخرق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في الشرق الأوسط» من كيان محتل يدرك نهايته.. لذا إسرائيل عند حدوث أي فراغ في القيادة السياسية لدولة ما من دول الجوار، تبدأ على الفور دخول حدود تلك الدولة وتدمير سلاحها الاستراتيجي.. وهو خطر لو تعلمون عظيم.
وبعد إحتلال 300 كم مربع من سوريا، أصبحت العين على الأردن ثم سيناء.. الأردن مستهدف بإنتهاك اتفاق وادي عربة ومخطط دخول جيش الاحتلال الجغرافيا الاردنية بمجرد حدوث أي غياب للملك عبدالله بن الحسين عن السلطة بالعزل أو الوفاة، وهو ما قاله الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب: «اذا نجح أي فيصل أردني في الاطاحة بالملك عبدالله يحق لإسرائيل إحتلال الأردن».. والسؤال: هل هذا مجرد تصريح تحذيري أم مخطط سوف يتم تنفيذه؟! .. الأمر الذي جعل مراقبون يتهمون التحالف الصهيوامريكي بإعداد خطة للإطاحة بالملك عبدالله من أجل إيجاد ذريعة لاحتلال الأردن، بينما يرى البعض أن إسرائيل تريد السيطرة على الضفة الغربية، وتهجير سكان الضفة إلى الأردن، حيث ان مخطط الشرق الأوسط الجديد يعتبر الاردن الوطن البديل للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية.
في ذات السياق.. ذهبت تقارير إعلامية. غربية إلى أن أي فراغ سياسي مصري سيعني علي الفور محاولة انتشار إسرائيل داخل سيناء والتواجد خارج جغرافيا كامب ديفيد .. وهو خطر لو تعلمون عظيم، وسبق أن حاولت إسرائيل تنفيذه مع مصر عقب 25 يناير 2011، لكن القوات المسلحة المصرية هددت باستخدام الصواريخ الاستراتيجية في ضرب تل أبيب، وهو ما تسبب في تراجع الكيان وقتها عن دخول سيناء.. لكن خطة الكيان لاحتلال اجزاء من مصر موجوده، ولم تتوقف، ولم تنته، وحلم إقامة دولة إسرائيل الكبرى من النهر إلى النهر مستمر، بعد أحداث سوريا نجحت تل أبيب في الوصول إلى نهر الفرات، ويتبقى في مخططها الوصول إلى نهر النيل.. وهو ما تحذر منه دوائر سياسية مصرية وتطالب بالاستعداد له بقوة وصلابة وعمق.
إسرائيل تبرر تدخلها العسكري في دول الجوار بأنها إجراءات مؤقتة لحماية نفسها، رغم مخالفة ذلك للمعاهدات والمواثيق الدولية، وترى أن انتشار الجيش المصري لمواجهة الإرهاب في سيناء خرق لاتفاقية كامب ديفيد يجب أن يقابله خرق إسرائيلي لسيناء، وهو ما نحذر منه، لأنه جزء من مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء الذي ترفضه القاهرة، وتسعى إسرائيل جاهده لتنفيذه.. ووفق خبراء فإن عين المؤامرة كلها علي مصر، وكل ما تفعله إسرائيل هو انتظار ذريعة التدخل في سيناء لضرب الأسلحة الاستراتيجية المصرية التي زرعها الجيش المصري في أرض الفيروز خلال السنوات الأخيرة، بل وعودة احتلالها من جديد.. وهو خطر لو تعلمون عظيم.
نعم عزيزي القارئ.. استغلال الفراغ السياسي قد يكون حجة تل أبيب لدخول الاردن ومصر، وتحلم إسرائيل بفرصة سياسية علي طريقة رحيل بشار الأسد لكي تنتشر في سيناء ضد انتشار الجيش المصري، وخصوصاً بعد خرق اتفاقية 2005، والتواجد في وضعية هجوم بالسلاح داخل محور فلادلفيا دون اعتراض أمريكي أو أوروبي، فهدف إسرائيل الأساسي بعد أحداث سوريا، وتطويع انتفاضة الأقصى هو تدمير أسلحة مصر الاستراتيجية ودخول سيناء عبر إجراءات عسكرية على طريقة سيناريو سوريا وجنوب لبنان وغزة .. وسوف تبرر ذلك بأنها «اجراءات مؤقتة»، لن يراها الأمريكي اختراقاً لكامب ديفيد، وسوف تعتبرها تل أبيب اختراقاً أمام إختراق .. وهو ما دفع القاهرة خلال الفترة الماضية لنقل رسالة واضحة لإسرائيل والعواصم الغربية: «مصر لن تنتظر تفجير الدولة من الداخل كما حدث في دول الإقليم، بل سوف تنفذ حرب يوم القيامة، الجميع مقابل الجميع، سوف تضرب إسرائيل بالكامل، ولن تناور أو تنتظر فرص لن تأت»..
في ذات السياق، وفي ظل الصراع مع الكيان المحتل، ادرك بعض الحكام العرب، أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون مفيداً، وأن أطماع تل أبيب لن تنته وقد تصل إلى بلادهم عاجلاً غير اجلاً، وأن وعود الكيان سراب وخداع، فقد تفاجئ السعوديين باعتراض إسرائيل على المشروع النووي السلمي السعودي، بعدما لمحت سابقاً بالموافقة على أمتلاك السعودية السلاح النووي مقابل التطبيع، وهو ما أحدث صدمه في الرياض، ووفق خبراء سياسيون، تل أبيب تريد أن تخضع كل شيء تحت سقف تفسيرها الخاص للأمن القومي الإسرائيلي، وبالتالي خرجت من قانون السلام ودخلت قانون الغاب والسيطرة المطلقة، لضمان استمرار التفوق النوعي التقني والتكنولوجي لصالحها، وهو ما يستوجب تحرك عربي واسع، فالأمر لن يتوقف عند فلسطين ولبنان وسوريا، فهي تستهدف أيضا اليمن والعراق والاردن ومصر بل تمتد اطماعها لجميع دول الخليج أيضاً، فلا توجد دولة عربية آمنة من هذا المخطط.
وفق خبراء عسكريون: «ضرب جيش الإحتلال لسلاح سوريا الإستراتيجي أتاح الشرعية لضرب كل سلاح إسرائيل الإستراتيجي سواء الكيماوي أو النووي، وإذا كان اليوم لصالح تل أبيب فإن غداً عليها» .. يريد صانع القرار العالمي ضمان تفوق الكيان باعتباره دولة وظيفية تسهل التهام ثروات الشرق الأوسط، وتقضي على شعوبه، وتدمر عقيدتهم، وتمنع إقامة دولة عربية كبرى، والأمر لا يخلوا من البعد العقائدي، إلا أنه وفق سفر حزقيال 37، فان تحالف روسيا والصين وإيران سوف يضرب إسرائيل نووياً رداً على هجوم صهيوني على طهران، حتى يظهر المخلص العالمي أو المسيح المخلص وفق نبوءات حرب نهاية الزمان.. فهل ينقذ ترامب تل أبيب من المجهول ويلتزم بتعهده وقف الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا ومنع الحرب العالمية الثالثة – كما صرح مؤخراً- أم يناور ويستمر في الخضوع لآلة الحرب الأمريكية ويخضع لشركات السلاح والدولة الأمريكية العميقة؟!.
ويبقى السؤال: ماذا تخبيء مصر تحت رمال وبين جبال سيناء؟! ولماذا قال الرئيس السيسي في تصريحات صحفية من قبل: «احنا مخبيين كل حاجة»!! .. فالواقع وفق مراقبون اعتمدت القاهرة نظرية: «الكل مقابل الكل .. الجميع مقابل الجميع» للتعامل مع التهديدات الإسرائيلية المحتملة.. عملاً بمبدأ: «خير وسيلة للدفاع الهجوم»، فنظرية الحدود الآمنة لم يعد لها وجود في الشرق الأوسط منذ عملية طوفان الاقصى.. ورغم حرب إسرائيل في غزة ولبنان وسوريا، وتهديدها للعراق والاردن واليمن، وفق خبراء عسكريون، تبقى مصر فقط هي من تستطيع قهر إسرائيل ووقف تجبرها على المنطقة، لذا جاء التدريب التكتيكي «قاهر 3» لقوات الجيش المصري المتمركزة شرق القناة وقوات الجيش الثالث الميداني وقوات مكافحة الإرهاب رسالة لها شفرتها الخاصة ضد كل خيوط المؤامرة في إسرائيل وخارجها.
ورغم أن إسرائيل إلى جانب أمريكا وتركيا وقطر جزء من خطة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ورغم وجود تقارير متنوعه تذهب إلى أن ابومحمد الجولاني أو أحمد الشرع يعمل لصالح تركيا وإسرائيل، ورغم أن الوضع السوري الجديد مكن إسرائيل من تدمير قدرات الجيش السوري بالكامل، واحتلال 300 كم من سوريا، إلا أن الموساد يخشى من سيطرة الجماعات المسلحة على الحكم في سوريا والحصول على دولة تحت شرعية إسقاط طاغية، خوفاً من انقلاب تلك الجماعات على تل أبيب كما حدث في أفغانستان، عندما انقلب تنظيم القاعدة على أمريكا بعد سنوات من الدعم والتمويل والتسليح والمساندة والشراكة والتحالف!!.
يرى مراقبون، أن ما حدث في سوريا سيكون له إنعكاسات خطيرة على العالم، فثمة دولة دينية جديدة تنشأ في الأرض السورية لكن بقيادة جيل جديد مختلف عن جيل أسامة بن لادن وايمن الظواهري وعبدالله عزام، جيل جديد تم تدريبه على مدار سنوات – داخل أجهزة الاستخبارات خاصة في تركيا- على أنظمة الحكم وشئون الإدارة، وهو ما يفسر طريقة وشكل ومضمون تصريحات الجولاني، وهو ما دفع خبراء للتأكيد على أن الأجيال الجديدة من الجماعات الجهادية ربما تعلمت الدرس، وفهموا كيف يتجاوزن المطبات الخلافية، وكيف يتفقون مع أجهزة المخابرات الدولية، لذا المؤكد أن الجيل الجديد من الجماعات المسلحة أخطر من الجيل القديم وأكثر ذكاء، وقدرة على عقد التفاهمات والصفقات حتى مع أكثر المختلفين معهم.. صفقات تتجاوز حقيقة الجولاني وجذوره وجنسيته ودوره لترسم مشهد كامل في منطقة الشرق الأوسط لعقود قادمة.
المؤكد أن إسرائيل هي من وراء دعم كل تلك الجماعات لاستخدامهم كذريعة للتدخل العسكري في الدول العربية – بحسب تصريحات وزير دفاع الكيان قبل أيام- إلا أنها تعلم تعقيدات الموقف وأن ليس جميع أوراق اللعبة في يدها، تل أبيب تمتلك اليد القوية في المشهد السوري، وتركيا تملك ورقة الجوكر حيث تتولى صناعة إمبراطورية الجيوش بالوكالة في الشرق الأوسط لخدمة الغرب تحت قاعدة: «مسلمين يقتلوا مسلمين»، بوضوح أنقرة تمتلك دبلوماسية محترفة ومخابرات داهية تجيد لعب دور الحرب الدينية، فالثغرة الاستراتيجية الخطيرة هي حكم الأمة عبر تقسيمات دينية وعرقية ومذهبية حتى لا تكون إسرائيل الدولة العنصرية الوحيدة في المنطقة.. وإذا كانت إسرائيل تمتلك القوى العسكرية وتتعاون مع الأكراد في سوريا فإن تركيا تسيطر على الأغلبية من خلال السنة، لذا يرى مراقبون أن الجولاني يتمتع بذكاء جعله يحصل على دعم أنقرة وتل أبيب معاً، علاوة على الاستفادة من الدعم الخليجي، السعودية التي تريد نصرة الرجل الذي أنهى الوجود الإيراني في سوريا، والإمارات أكبر شركاء إسرائيل ف المنطقة، وقطر التي تدعم كل الجماعات الإسلامية كجزء من اتفاق قديم مع التحالف الصهيوامريكي، باعتبار تلك الجماعات البوابة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، إضافة لمغازلته أوربا بالموافقة على مد خط الغاز من قطر عبر سوريا.
اردوغان تركيا يريد عودة حلم الخلافة من خلال دعم الجماعات المسلحة والدينية في مختلف منطقة الشرق الأوسط، وهو ما نجح فيه داخل سوريا ووفق الرئيس الأمريكي ترامب: «تركيا تتحكم في سوريا الآن عبر عملية استيلاء ناجحة» .. تركيا وقطر من نصحتا الجولاني بأن يمارس جهاد داخل الدولة وينشغل ببناء سوريا إقتصادياً وعدم الدخول في أي صراع خاصة مع الحلف الصهيوامريكي، رغم احتلال إسرائيل لنحو 300 كم ووجود القواعد الأمريكية في سوريا، وهو ما دفع الكثير من التقارير لاتهام الجولاني بالعمالة لصالح تل أبيب خاصة عندما صمت عن تدمير إسرائيل لكافة أسلحة الجيش السوري وتهجير أهالي سوريا على الحدود مع الكيان.. ويؤكد مراقبون أن الرئيس التركي اوردغان سوف يدعم وحدة الدولة السورية ليس حباً في سوريا وانما لكي لا يتم إقامة دولة للأكراد.
ويرى مراقبون أن إعادة صناعة فكرة الدولة الدينية عبر الجماعات الجهادية كما حدث في سوريا، يجعل منها
فكرة قابلة للتصدير لكل دول الشرق الأوسط، وبالتالي إسقاط النظم بشرعنة إسقاط الطغاة واستغلال تعطش الشعوب للتغير والخلاص من الأوضاع الإقتصادية الصعبة، وفي ظل غياب مشروع قومي عربي بديل لانهيار الأنظمة العربية أصبحتا إسرائيل وتركيا عبر الجماعات الدينية يتنافسان على التهام المنطقة العربية برعاية غربية أمريكية تحت شعار: «المكسب للجميع».. وهو ما يفسر احتفاء الكثيرين في البلاد العربية بما حدث في سوريا رغم خطورته على وحدة سوريا واستقرارها… وتستعد دول الشرق الأوسط لمواجهة تلك المخططات ومنع أي شخص يزعزع استقرارها.
روسيا وأمريكا والقادم
يرى مراقبون أن روسيا برحيل بشار الأسد، وتولى جماعات المعارضة – غير المولاية لها- الحكم، فقدت وجودها في المياه الدافئة، وأن وجود قواعدها في سوريا مسألة وقت، لذا بدأت في قنل قواتها إلى ليبيا، إلا أن المشهد أعقد مما ترى وأعمق مما تظن، والقادم مواجهة شاملة، كل طرف يرتب أوراقه لتكون ضرباته أكثر تأثير، والواقع أن قيام الطائرات الاستراتيجية الأمريكية B52 H بضرب مخازن السلاح الروسي في طرطوس واللاذقية بسوريا، وضرب ميناء الحديدة في اليمن بقنابل B62، والتي تعتبر من الجيل الأول للقنابل النووية نسخة 1962 والتي يتم تمريرها اعلاميا تحت اسم «القنابل المغناطيسية» تحول خطير في المشهد، وأن دمشق تدفع ثمن تصفية الحساب الأمريكي الروسي القديم منذ الحرب الباردة بضرب مخازن سلاح روسية موجودة داخل سوريا من عهد الاتحاد السوفيتي، فقد تم تدمير ما يقرب من 100% من القدرات العسكرية للدولة السورية، وسحب السلاح الروسي الاستراتيجي من سوريا وخاصة منصات صواريخ الدفاع الجوي S400 بحجة عدم وصول السلاح الاستراتيجي للجماعات المسلحة، وبالتالي النووي التكتيكي يتم استخدامه لأول مرة في الشرق الأوسط ليعلن عن بداية عصر إستخدام المقنبلات الإستراتيجية في الحروب وبشكل علني، فيما ذهب فريق إلى أن روسيا لم تخسر كثيراً من ضرب سلاحها الاستراتيجي داخل سوريا وخاصة في ظل الانسحاب الروسي تجاه ليبيا وأن بوتين سمح بضربة طرسوس واللاذقية بالنووي التكتيكي في سوريا مقابل 1000 ضربة صاروخية يتم تجهيزها في أوكرانيا لبداية التفاوض مع ترامب حول وقف الحرب تحت خط النار، وحتي يضمن الروس أيضاً عدم نقل أسلحتهم لجماعات مسلحة، وهذا التفاهم عبر عنه الرئيس الأمريكي الجديد ترامب بأنه سوف يوقف الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وسوف يمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة.
يدرك الجميع أن أحداث 11 سبتمبر 2001، كانت بداية عهد جديد لرسم خارطة الشرق الأوسط، والذي عبرت عنه مستشارة الأمن القومي الأمريكي وقتها كونداليزا رايس بـ«الفوضى الخلاقة»، وتم تنفيذ مخطط نهب ثروات العراق والخليج والمنطقة بالكامل من خلال عقاب السنة تحت شعار: «الحرب العالمية علي الإرهاب»، في صورة تنظيم القاعدة وطالبان وصدام حسين، وأثناء هذه الفترة سمح النظام العالمي للنظام الشيعي الصفوي في إيران بالتمدد واحتلال 4 عواصم عربية «بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء»، ثم بعد 23 سنة من أحداث 11 سبتمبر، و13 سنة من ثروات الربيع العربي، تم استخدام عملية طوفان الأقصى حجة جديدة لتغيير شكل الشرق الأوسط مجدداً، إلا أن صانع القرار العالمي عكس المعادلة هذه المرة بعقاب المحور الشيعي الصفوي في صورة محور المقاومة: «غزة – حزب الله – الحوثيون – شيعة سوريا والعراق» وأن الأمر قد يمتد حتى تغيير رأس النظام الإيراني نفسه، لذا تم السماح للجماعات السنية المسلحة -العدو السابق- بالتمدد، وقد استغلت المعارضة في سوريا – المدعومة من تركيا وإسرائيل وأمريكا وقطر- التوقيت جيداً لبدء التحرك نحو أول عاصمة عربية
تحت شعار تحرير الإنسان ثم تحرير الأوطان، وهذا هو الفقه الذي يبرر مقاومة النظام الوطني الحاكم واسقاط الدولة الوطنية دون مواجهة المحتل الأجنبي أي أمريكا وإسرائيل وتركيا.
الإشكالية الحقيقية في المشهد الحالي داخل الشرق الأوسط، أن النظام الدولي يعطي الشرعية لمن يحمل السلاح في وجه الجيش والنظام الوطني، وهو ما يعرف بخطة جهاز المخابرات البريطانية MI6 في صناعة موجة ثانية مما يسمى بـ«الربيع العربي»، بل وتجهيز الاعتراف الدولي لكل من يحمل السلاح في وجه النظام حتي ولو كان من الارهابيين السابقين، وعلى قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية، فقد رفعت واشنطن إسم الجولاني زعيم تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة من قوائم الإرهاب بعدما كانت مخصصة 10 مليون دولار لمن يدل بمعلومات تساعد في إلقاء القبض عليه، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه حول مدى نزاهة وعدالة تلك القوائم والهدف من وجودها؟!.
صانع القرار العالمي يستغل انتشار الفساد وغياب العدالة الإجتماعية وتفاقم المشاكل الإقتصادية وتراجع الحريات داخل بعض الدول، في تحريض الشعوب نحو التغيير، وذلك عبر صناعة الفتن الشعبية واستخدامها دينياً، لتكون تحقيقاً لنبواءت آخر الزمان .. وبالتالي يتم التعاطي معها وتصديقها، ويؤكد خبراء إن معاناة الناس حاضنة واقعية لإشعال الغضب الشعبي، ويريد هؤلاء صناعة ثورات الجياع فيما يصفوه بـ«الموجة الثانية من الربيع العربي»، لتكون تحقيقاً لـ«نبوءة فتنة الدهماء»،، وكأن مفهوم القدرية في الفكر الصهيوني تسلل للفكر العربي في جبر القدر والسماء على تحقيق النبوءات التي وعد بها الله حسب تفسيراتهم، وهي النبواءت، التي يرى محللين أن أغلبها تم صناعته دون سند من أجل احتلال البشر ذهنياً ودفعهم لتنفيذ أجندة صانع القرار العالمي، بينما الشعوب تتصور أنها تنفذ تعاليم الدين!!.
مصر وإسرائيل وجها لوجه!!
مخطط «الشرق الأوسط الجديد» لبرنارد لويس يعتبر مصر «الجائزة الكبرى» التي يسعى صانع القرار العالمي للسطيرة عليها، بعد التهام العراق وسوريا، لذا تظل مصر مستهدفه سراً وجهراً .. فالمخططات ضد المنطقة تنفذ منذ عقود ومستمرة.. وكما قلنا من يملك المعلومة يملك القرار، وأن من يسبق بخطوة يربح، لذا مصر في مرمى نيران الجميع .. في الخارج والداخل.. الكثيرون يريدون الاجهاز على أرض الكنانة.. وبعدما أصبحت مصر قوة اقليمية تمتلك جيشاً قوياً يحتل المرتبة 14 في التصنيف العالمي لأقوى جيوش العالم أصبح المخطط استغلال الضغوط الاقتصادية والأخطاء المختلفة في إشعال الداخل وهو ما حذرت منه دوائر صنع القرار في مصر…
قوة الجيش المصري التي صدمت التحالف الصهيوامريكي ظهرت في وصول الدبابات المصرية حتى معبر رفح بوضعية هجوم وفي تجاوز لاتفاقية كامب ديفيد، وأدرك الجميع أن القاهرة هذه المرة سوف تبادر بالهجوم وأنها لن تقبل بنظرية الأمر الواقع، وهو ما تسبب في إفشال مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء .. ورغم المحاولات المستمرة لخنق القاهرة إقتصادياً، وتركعيها، لاجبارها على تنفيذ صفقة القرن، إلا أن حرب غزة كشفت قدرات مصر على الصمود في وجه مخطط الشرق الأوسط الجديد، ويرى خبراء استراتجيون أن الحصار الاقتصادي لمصر وإشعال الخلافات والصراعات داخل محيطها الإقليمي في ليبيا والسودان والصومال وسد النهضة الاثيوبي ليس إلا خطوات لمساومة مصر، فقد كشفت تقارير سياسية عن محاولات لشراء ولاء القاهرة لتنفيذ أجندة صانع القرار العالمي مقابل منح النظام السياسي قبلة الحياة، وحزمة من المساعدات الاقتصادية القوية لتحسين أحوال الشعب من خلال ضخ أكثر من 100 مليار دولار في مشروعات اقتصادية واستثمارية متنوعة تساهم فيها دول عربية منها السعودية والإمارات والكويت وقطر، ودول أجنبية على رأسها بريطانيا أكبر شريك تجاري لمصر منذ عقود، مما يعيد الحياة للعملة المحلية، ويخفض الأسعار ويخلق فرص عمل يحتاجها شباب الخريجين.. أنهم يستخدمون العصا والجزرة.. ربما هذا ما دفع الإخوان والقوى المعارضة لظهور مجدداً على سطح الأحداث ليس فقط بسبب نجاح الجماعات المسلحة في إسقاط نظام بشار الأسد، إنما لمعرفتهم بضغوط التحالف الصهيوامريكي لإجبار القاهرة على تنفيذ أجندة صانع القرار العالمي أو زعزعة استقرارها..
الجميع يعلمون أن بشار الأسد دفع ثمن رفضه مرور خط الغاز من قطر إلى دول أوربا عبر السعودية والأردن وسوريا وتركيا، للتخلص من تحكم روسيا في القارة العجوز بسلاح الغاز، وفضل الاستمرار في تحالفه مع موسكو، وموافقة أحمد الشرع على تنفيذ هذا المشروع يفسر الاحتفاء الأوروبي برجل كان قبل أشهر على رأس قوائم الإرهاب ومن أبرز قيادات القاعدة وداعش وجبهة النصرة، ويعرف الكثيرون في عالم السياسة أن الرئيس الليبي معمر القذافي دفع ثمن قراره توطين صناعة النفط الليبية، وعزمه بيع النفط مقابل الذهب بدلاً من الدولار، وسعيه لإصدار الدينار الذهبي الافريقي كعملة موحدة لدول شمال وغرب أفريقيا، وتم مساومته من الناتو: «إذا تراجعت عن تلك القرارات سوف نصف من خرجوا ضدك بالارهابين وأنهم عناصر تنظيم القاعدة ونقضي عليهم، وإلا سوف نعتبرهم ثوار ونتضامن معهم ضدك» .. القذافي رفض العرض وبعدها قوات الناتو قصفت الجيش الليبي لمنعه من القضاء على الخارجين على الدولة وانتهى الأمر بقتل القذافي وسقوط نظامه، إذن القاعدة: «تنفذ مخططنا تصبح حبيب ورئيس دولة ويتم “نغنغة بلدك” اقتصادياً وسياسياً .. ولا مانع أن تتحول من ارهابي مطلوب رأسك مقابل 10 مليون دولار إلى سياسي ورجل حكم وإدارة وقد تصبح رئيساً للجمهورية.. ترفض يتم حصارك وتقليم أظافرك واستثمار أخطاءك وزعزعة استقرارك وإشعال الدنيا حولك وتحت أقدامك والتخلص منك».. وهو المخطط الصهيوامريكي منذ عقود.. «الولاء مقابل الحماية والامتيازات والسلطة، وعدم الولاء يعني الأبعاد والقتل والاغتيال»، ولم ينجوا منه إلا من يملك المعلومة والذكاء والقدرة الخارقة على المناورة والرقص مع الثعابين…
عزيزي القارئ.. فقه كامب ديفيد كان هو «الأرض مقابل السلام» أي سلام الأقوياء، ثم مع مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 2005 كان «التطبيع مقابل السلام» أي سلام المساومين والتجار، بينما اليوم .. إسرائيل والتحالف الصهيوامريكي لا يريدون سوى فقه الإتفاق الابراهيمي الجديد وهو «السلام مقابل السلام» ومن يرفضه يكون مصيره الحصار والقتل والدمار.. لذا إسرائيل لا تريد التواجد المصري في غزة بعد وقف إطلاق النار لكنها تقبل بوجود جيوش دول الإتفاق الإبراهيمي خاصة جيش الامارات، إلا أن القاهرة رفضت تواجد أي قوات في القطاع.. واقرحت أن تدير السلطة الفلسطينية القطاع، وقد وافقت جميع الفصائل بما فيها حماس .. نعم الخريطة أصبحت أكثر وضوحاً بعد طوفان الأقصى.. وقريباً سوف تنتهي الحروب بالوكالة عبر الجماعات المسلحة، وتبدأ الحروب المباشرة بين الجيوش النظامية.. حروب النهاية التي لا تقبل المناورة أو القسمة على إثنين.
أخيراً.. عزيزي القارئ.. هناك من يتحدث عن انكماش مصري إقليماً سواء في أفريقيا أو الشرق الأوسط، دون حديث عن التحديات والمخاطر، وهو اجتزاء للواقع وذكر لجزء من الحقيقة.. الواقع أن القاهرة رفضت أن تكون جزء من المخطط الصهيوامريكي في الشرق الأوسط، وتمسكت بالثوابت الوطنية والعربية، حاولت المناورة وإظهار مجموعة من التنازلات لم تنفذها فأغضبت صانع القرار العالمي .. وأصبح اليوم اللعب على المكشوف.. بوضوح مصر لا تفكر سوى في الحرب القادمة مع إسرائيل، واستراتيجية نقل المعركة القادمة – لو حدثت – خارج سيناء وإلى عمق الأرض المحتلة، مصر تدرك رغبة إسرائيل بالعودة لخرائط ما قبل حرب أكتوبر 1973، وفك الإرتباط باتفاقية كامب ديفيد، وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء كجزء من صفقة القرن، حيث يعتمد صانع القرار العالمي على ضعف الاقتصاد المصري الذي حاصره منذ سنوات، لإدراكه أنه لا حرب بدون اقتصاد قوي، بينما ما فعله أهل غزة من صمود رغم ظروفهم الإقتصادية الصعبة أثبت أن إرادة الشعوب أهم سلاح في مواجهة الحلف الصهيوامريكي، والصمود هو من يجبر تل أبيب على التفاوض من أجل وقف إطلاق النار والانسحاب من غزة، نعم هناك من أستعد للسبع العجاف بشكل قد يفاجئ الجميع، وكما تكشف تقارير سياسية أن خطة مصر في مواجهة إسرائيل والصهيونية العالمية لا تعتمد على حرب مفتوحة طويلة الأمد، خطة لن تسمح بتفجير الوطن من الداخل، ولكنها ستكون حرب يوم القيامة أو الكل مقابل الكل، كما قال الرئيس الأسبق حسنى مبارك: «قد تخرج الطائرات الإسرائيلية لضرب مصر لكن إذا عادت لن تجد المطارات والقواعد التي خرجت منها»، مصر لن تقع في فخ حروب العصابات والأيام الطويلة.. القادم مرعب .. واللعب على كامل رقعة الشطرنج.. من يملك المعلومة يملك القرار.. والمعرفة على قدر الحاجة.. ومن يملك الورقة الأخيرة يربح بـ«الضربة القاضية» .. دائما داخل الكمين كمين في عالم ملئ بالمفاجآت.. دعونا نترقب ونرى.