بقلم د – مها العطار
هناك بعض الأفعال وتصرفات تتناقض مع الفطرة .. ويجب الوقوف عندها لنفهم أنفسنا .. يقول الكاتب أحمد خالد توفيق .. عندما يموت أحد أفراد الأسرة، فإن مظاهر الحداد لابد أن تشمل غلق التلفزيون لفترات تتوقف على مدى حب الأسرة للفقيد.. هكذا قد يغلق التلفزيون لشهور أو لسنوات أو ربما للأبد. لا تسأل عن شعور الطفل الصغير الذي لا يعرف علاقة حرمانه من سبيس تونز بوفاة ابن عم خالة أمه.. لابد أن هذا يشعره بحقد شديد على الفقيد، فلو قابله لقتله مرة أخرى.
لي قريبة تشاجرت مع زوجها.. كان أول ما قامت به للتعبير عن ضيقها واكتئابها هو أن أخذت قطة ابنتها وأهدتها لصديقة لها.. الطفلة لا علاقة لها بالمشادة بتاتًا ولا تعرف معنى لفظة مشادة أصلاً، لكن الأم قررت أن وجود قطة في البيت تلعب وتلهو أمر يتناقض مع هيبة الغضب والاكتئاب..
هذا يشبه ما حدث في بيت صديقي بعد وفاة حماته.. لقد قررت زوجته ألا تطبخ الفاصوليا أبداً بعد ذلك.. لا تسأل لماذا الفاصوليا.. لأنه يحبها جدًا طبعًا، وهكذا صار الرجل معذبًا يتسلل خارج البيت في بعض الليالي ليمضي أمسيات ماجنة مع أطباق الفاصوليا في مطعم قريب.. لكن زوجته صارمة.. لن ينعم أحد بالتهام الفاصوليا بينما أمي ليست على ظهر هذه الأرض… ولما مات عم الرجل قرر أن يعلن الحداد بطريقته فمنع دخول الجبن الأبيض إلى البيت. زوجته تحب الجبن الأبيض لكن عليها أن تتحمل.
يجب أن يعم الحزن والأسى ما دمت أنا حزينًا. في مراهقتي أحببت فتاة وتخلت عني. رحت أحلم لو أنني كنت جنرالاً ولدي جيوش عظيمة.. بالتأكيد كنت سأشن الحرب على الصين، فلا أتركها إلا خرابًا تنعق فيه البوم.. الجثث تتناثر والأطفال يبكون. لماذا الصين؟.. لا أعرف.. أنا حزين.. فليحزن الجميع .. وكان التصرف الوحيد الذي قمت به هذه المرة هو أنني لم أطعم أسماك الزينة وجبة المساء.. ما دمت حزينًا فعلى هذه الأسماك البلهاء أن تقاسي الجوع قليلاً . أضحك على نفسك .. أيها الحزين