اخبار عاجلة

عقد عرفي

بقلم د/ شيرين العدوي
مؤسسة الزواج الرسمية أقوى المؤسسات الاجتماعية على وجه الأرض. وقد شرعها الله ووضع لها قوانينها التى مهما حاول الإنسان هدمها والتمرد عليها؛ فلن يستطيع الفكاك منها بل سيقع في أسرها ويسيرعلى هديها. وهي تبنى على دعائم متينة،وتظل تكبر سنة فسنة حتى تصبح صرحا عملاقا تفنى حياة الطرفين داخله مهما تشاكيا من اختلاف الطباع أو تسرب إليهما الملل بحكم طول العشرة. أما الملل الذي دائما ما يذكرانيه في حديثهما فينكسرأمام التعود ليصبح جوهره المودة والرحمة التي تؤدي إلي التعلق. تعلو أسوار هذا الصرح حتى لا يمكن أن يتسور أحدهما جدرانه ليقفز خارجه. وإذا أنتج أطفالا فهو الأقوى على الإطلاق حيث الطبيعة الإنسانية وغريزة البقاء تجعلهما يلتفان حول الأطفال مبتعدين عن متطلباتهما الشخصية حتى تفني الحياة في خدمة الأبناء، وعندما يكبر الأولاد يتحكمون في حياة الآباء. والويل للآباء إذا حاولوا البحث عن سعادتهم بعد ذلك.
تقف مؤسسة الزواج الأول بالمرصاد لمؤسسة الحب وتنتصر عليه وأقصد هنا بمؤسسة الحب “الزواج الثاني” أو الطلاق لارتباط آخر . في كلا الحالين نادرا ما يكتب للزيجة الثانية النجاح. لأنها تكون غالبا بعقد عرفي بعدما طالب قانون الأسرة بضرورة إعلام الزوجة الأولى وهذا حقها بالتأكيد ولكنه في نفس الوقت جعل الرجال يلجؤون للزواج العرفي تفاديا للمواجهة . ومن موقعي هذا أحذر من هذا الزواج والذي يجب أن تمنعه الدولة أو تقننه أوتعطي له حق الزواج الرسمي؛ ذلك لأن أركانه صحيحة مائة في المائة إذا تزوجت المرأة بولي وأمام الجميع بوجود الشهود والإشهاروالصداق. فأين المشكلة؟ المشكلة الظلم الذي يقع ورفض المجتمع والنظرة الدونية. فهو زواج مشوه كالجنين المشوه تماما الذي ينزل في شهوره الأولى ويستغله الرجال للإيقاع بالنساء. غالبا ما يلجأ الرجال لهذا الزواج حتى يحتفظوا بالمؤسستين في ظل شروط مجحفة للمرأة الثانية. وما يحدث هو طغيان المؤسسة الكبرى فتأكل المؤسسة الصغرى.
يختارالرجل فريسته بعناية فائقة من النساء المطلقات أو الشابات المراهقات بلا خبرة، الباحثات عن الحب والاستقرار وهو بند أساسي عند المرأة يستغله الرجال جيدا. الاسطوانة المشروخة كيف سأواجه الأولاد ؟! زوجتي الأولى ليس لها ذنب في هذا الميل. وهنا تبدأ التنازلات في عقد الزواج الثاني للمرأة المسكينة المخدوعة. إذ تتهم نفسها بالسرقة ويتم السيطرة عليها تماما، حتى لو جاء طائعا وطالبا لها. الانجذاب وتصديق الوعود الواهية يوقعها في هذا الشرك المعطل حقها. فكيف نحميها؟ لابد من تكاتف الإعلام والدولة. وأضع عدة نطاق أمام المجتمع وأمام هؤلاء النساء: أنت لست أقل من أي امرأة في التاريخ فلا تفقدي الثقة في نفسك وتعاملي بمنطق الندية، لأنك ستمنحينه كل شيء: اسمك وجمالك ونفسك وراحة بالك وانشغالك وسيكون نصيبك التقتير والإهمال والاستعباد؛إذ ستصبحين جارية رغباته. فالمال والاهتمام والرعاية والسكن ستكون من نصيب المؤسسة الكبرى؛ لأن الزوجة الأولى هي شريك الكفاح الذي ربى وسهر وتحمل وعلا بالبناء. هذا الزواج سيجعلك في طبقة دنيا أمام المجتمع الذي سينظر لك على أنك بعت نفسك دون ثمن أوأنك سارقة لزوج مستقر حتى لو استمات من أجل الحصول عليك، لن تستطيعى حتى الإعلان عن الإعجاب بزوجك لأنه ليس لك. هو لمؤسسته الأولى التي علت بالبناء معه. غالبا ما يحرمك هذا الزواج من كل حقوقك ولن تقارني بزوجته الأولى؛ وإذا حدث ومات هذا الزوج ستكونين في الشارع منبوذة من مجتمعك، ولن يكون لك ميراث شرعي. أعلم أن المرأة التي تقبل على تلك الخطوة يكون الإنسان عندها هوالأهم ولكن هذا ظلم بين ستتعرضين له أيضا فوق ظلمك في الحياة ولن تشعري به إلا بعد فوات الأوان . فللزوجة الأولى: ثقي في نفسك ودافعي عن مجهوك فأنت الأقوى. وللمقبلات على هذا الزواج: ارفضن هذا الإجحاف ولا تتزوجن هذا الزواج الذي سيقتل أرواحكن وإنسانيتكن وحقكن في حياة كريمة .وللرئيس الأب: الذي يحاول إصلاح المجتمع لقد تحملت تركة كبيرة من الفساد والتفكك الأخلاقي أتمنى إصلاحها. إذا لم يحم القانون المغفلين فمن سيحمى إذا؟!

شاهد أيضاً

حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا لقانون الايجارات القديمة

بقلم / محمد ابراهيم ربيع كاتب و محلل سياسي.. جاء في الحكم هذه الحيثيات وهي …