بقلم د/ شيرين العدوي
كان لابد أن نشكر الرئيس ماكرون على اعتذاره اللطيف وتراجعه عن النظرة التي تحدث بها عن رسولنا الكريم. وهكذا علمنا ديننا أن نقبل الاعتذار بسماحة ولطف بل وأن نجنح إلي المسالمة: قال تعالى ” وَإِنْ جَنَحُوا للسَّلْم فاجْنَحْ لَهَا وتَوَكَّل عَلَى اللَه إنَّه هُوَ السَّميع العَلَيم” ولأنكم لستم من أهل اللغة العربية الجميلة يا فخامة الرئيس فاسمح لي أن أشرح لكم الآية: يأمرنا ديننا أن نسارع إلى قبول العذر؛ بل وأن نتغاضى عن الإساءة طالما من آذانا جنح إلى السلم؛ سواء أكانت نيته حقيقية أم غير ذلك؛ فكلمة جنحوا وإن جاءت من كلمة جناح التي هي للطائر فمعناها مال وركن، فجنح الطائر مثلا تعني في اللغة كسر جناحيه استعدادا للهبوط سواء من أجل الانقضاض علي فريسة أو من أجل الاستعداد للسكون إلى الأرض. وجنحت السفينة أي تحركت نحو الشاطئ فانتهت إلى الماء القليل الذي يقربها نحو المرسى لتستقر عليه. أما السلْم فمعناه المسالمة والمصالحة بل والانقياد لهذا. والمسالمة ليست إظهار السلام وفقط ولكن كف الأذى من كل الوجوه مثل الحشد للحرب وإعداد العدة لها فضلا عن الكلام الجارح والتنمر. ولذلك قال الله فاجنح لها أي لحالة السلام بكل تفاصيلها. أما التوكل علي الله فليس معناه الاتكال أي ترك كل شيء لله دون العمل على تحقيقه كما تفهمون. ولكن معناه عمل كل شيء نستطيع عمله من أجل إنجاح الموقف ثم ترك النوايا ودواخل البشر لله لأنه هو خالقها وهو الذي يعلم ما تخفيه الصدور من الحب أو الحقد. أليست تلك الآية الصغيرة من القرآن الكريم الذي بلغه الرسول عن ربه درسا كبيرا في إصلاح الحياة بين العباد وإن كانوا مختلفين في الدين والفكر والسلوك؟! فكيف يعتدي المسلم علي أي إنسان أو كائن حي مهما آذاه؟! فلابد من درّس الإسلام لهذا الفتى الشيشاني القاتل لم يدرّسه له عن حق، فقد نقل له أفكارا مغلوطة وشرائع خاطئة ليست من مبادئ الإسلام في شيء. فمن مباديء الإسلام أيضا: “ولا تستوي الحَسَنةُ ولا السَيِّئةُ ادفعْ بالتي هي أحسن فإذا الذي بينَكَ وبيْنَهُ عَدَاوةٌ كأنَّه ولِيٌّ حَميمُّ” بمعني أن من يؤذيك عامله باللطف واللين ولا تبدأ بالعداوة حتى لو بدأ إنسان بالاعتداء عليك فرد له الإساءة بالعمل الطيب. هل هذا الدين الجميل يُقْدِمُ على أذية أحد فضلا عن قتله؟! ألا يتفق هذا مع تعاليم السيد المسيح ” من ضربك على خدِّكَ فاعْرضْ له الآخَرَ، ومن أَخَذَ ردَاءَكَ فلا تمنعه ثَوْبَكَ”؟! إنها تعاليم الدين الواحدة التي تحفز على التسامح لأن الحياة قصيرة جدا. وفي النهاية هناك الله سيحكم بين العباد. ولقد تعرض رسولنا الكريم للاضطهاد منذ شرع في تبليغ الرسالة الإسلامية ورغم ذلك علا برسالته حتى اتبعه من لم يعرفه أويشاهده مرت أكثر من 1400 سنة على وفاة الرسول وذهب مؤذوه إلى النهاية ومازال الناس يتبعونه. المسألة ليست في الحريات فنحن المسلمين نعلم أن كل الرموز الدينية وغيرها تتعرض للتنمر تحت دعاوي الحريات، ولكن تعاليم ديننا ترى أن صميم الحرية ألا أعتدي على معتقدك ورمزك أو نفسك فالحرية تبدأ عند احترامك للآخر وعدم جرح مشاعره أو التهكم عليه وكل إنسان له حرية ما يتبعه وما يؤمن به. ما جرحنا سيادة الرئيس أن يكون التصريح بالإساءة من رمز الدول. وللحديث بقية .