اخبار عاجلة

في المؤتمر الدولي “بناء الجسور” بمكة: د. الخشت يؤكد: إدارة التعددية المذهبية ضرورة لمواجهة التحديات المشتركة بدلًا من التقريب العقائدي

 

 

 

كتب : سعيد سعده

 

د. الخشت: تعزيز دولة المواطنة واحترام سيادتها وأمنها القومي باعتبارها أساس الهوية وأساس العلاقات بين الدول المختلفة

 

د. الخشت: التعاون في المجالات التنموية والتعليمية والإعلامية والإغاثية دون المساس بالخصوصيات العقائدية

 

د. الخشت يطرح آليات عملية لإدارة التعددية المذهبية ويدعو لتعزيز القيم المشتركة بين المذاهب الإسلامية

 

د. الخشت: قوة المجتمعات لا تكمن في فرض التوافق القسري بل في استيعاب الاختلافات وإدارتها بحكمة

 

د. الخشت: إصلاح التعليم وضبط الخطاب الديني والإعلامي أساس تعزيز التعايش المذهبي

 

د. الخشت: أوروبا تجاوزت الصراعات الدينية عبر التسامح والعقد الاجتماعي .. والعالم الإسلامي بحاجة لنموذج مشابه

 

 

 

ترأس الدكتور محمد عثمان الخشت المفكر الإسلامي ورئيس جامعة القاهرة السابق، جلسة بعنوان “مبادئ العمل المشترك بين المذاهب الإسلامية وفق وثيقة بناء الجسور”، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لبناء الجسور بين المذاهب الإسلامية الذي يعقد تحت شعار “نحو مؤتلف إسلامي فاعل”، وبرعاية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وتنظيم رابطة العالم الإسلامي بقيادة العلامة والمفكر الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وبمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين وقادة المؤسسات الإسلامية من جميع أنحاء العالم.

 

وفي كلمته، أكد الدكتور محمد الخشت أن التعددية المذهبية ليست عائقًا، بل يمكن أن تكون مصدرًا للقوة إذا أُديرت بشكل صحيح، مشيرًا إلى أن النهج التقليدي القائم على محاولات التقريب العقائدي أثبت عدم فاعليته، مما يستوجب التحول إلى استراتيجية إدارة التعددية المذهبية من خلال تعزيز القيم المشتركة، والتعاون في المجالات التنموية والتعليمية والإعلامية والإغاثية، دون المساس بالخصوصيات العقائدية.

 

وأوضح الدكتور محمد الخشت، أن التجربة التاريخية أظهرت أن الصراعات المذهبية لم تكن مجرد خلافات دينية بحتة، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى أدوات سياسية لتعزيز السلطة وإقصاء الخصوم، مشيرًا إلى أمثلة تاريخية مثل الجدل حول “خلق القرآن” في العصر العباسي، والتوظيف السياسي لقضايا التكفير والإيمان من قبل بعض الجماعات المتشددة.

 

ودعا الدكتور الخشت، إلى الاستفادة من التجربة الأوروبية والأمريكية في التعامل مع التعددية الدينية، موضحًا أن أوروبا عانت من صراعات مذهبية دموية قبل أن تنجح في تبني مفهوم التسامح والعقد الاجتماعي كما طرحه فلاسفة مثل جون لوك وفولتير وروسو، مشيرًا إلى أن الحل لا يكمن في فرض مذهب معين على الجميع، بل في إيجاد إطار مشترك يحترم الاختلافات، ويعزز وحدة المجتمع على أساس القيم المشتركة الجامعة.

 

وطرح الدكتور الخشت، خلال كلمته، آليات عملية جديدة لإدارة التعددية المذهبية، مؤكدًا أن النهج الصحيح يتطلب تعزيز دولة المواطنة واحترام سيادتها وأمنها القومي، باعتبارها أساس الهوية واساس العلاقات بين الدول المختلفة، وإصلاح النظام التعليمي ليشمل تعريفًا علميًا محايدًا بالمذاهب المختلفة، مما يسهم في إزالة الصور النمطية السلبية، ويعزز ثقافة التفاهم بين الأجيال القادمة، وإيجاد أرضيات مشتركة للتعاون في المجالات الشرعية والتنموية والتعليمية والإعلامية، وضبط الخطاب الديني والإعلامي، بحيث يُركز على القيم الإسلامية الجامعة بدلًا من إذكاء الخلافات، وإطلاق مبادرات حوارية بين المذاهب لتعزيز التعاون العملي بدلًا من التركيز على الخلافات الفكرية، وأخيرًا تعزيز دولة المواطنة المتساوية بحيث يكون الولاء للوطن والدولة، وليس للطائفة أو المذهب.

 

واختتم الدكتور الخشت، كلمته، بالتأكيد على أن إدارة التعددية الدينية ضرورة لتحقيق التسامح والتعايش الحقيقي بين أتباع المذاهب الإسلامية، مشددًا على أن قوة المجتمعات لا تكمن في فرض التوافق القسري، بل في استيعاب الاختلافات وإدارتها بحكمة، حتى تصبح التعددية مصدرًا للإثراء الفكري والاجتماعي، لا سببًا للانقسام.

 

جدير بالذكر أن فعاليات الجلسة الثالثة “مبادئ العمل المشترك بين المذاهب الإسلامية وفق وثيقة بناء الجسور”، شارك فيها عدد من الشخصيات البارزة، منهم: فضيلة الشيخ حجي إبراهيم تونا، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا، وفضيلة الإمام محمد ماجد حاج مركز آدم الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وفضيلة الدكتور السيد زيد محمد عبود بحر العلوم مدير مركز الدراسات الإسلامية بالعراق، وفضيلة الشيخ هاني أحمد مستو رئيس مؤسسة أمة للتعاون ببريطانيا، وسعادة الأستاذ الدكتور عبد الحق إدريس عزيزن رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والثقافية لمسلمي مدغشقر، وفضيلة الشيخ محمد عبد الخبير آزاد إمام وخطيب المسجد الملكي بباكستان، ورئيس اللجنة الدائمة لرؤية الهلال بباكستان.

 

وعقد مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية يومي 6 و 7 مارس، بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين من مختلف دول العالم، ويهدف إلى ترسيخ رؤية إسلامية جامعة تُعزز التعايش السلمي، ومواجهة التحديات المشتركة التي تهدد وحدة الأمة. وتعد وثيقة بناء الجسور (2024) التي تتبناها رابطة العالم الإسلامي امتدادًا لوثيقة مكة المكرمة (2019)، حيث تسعى إلى تعزيز التعاون في المجالات التي تخدم الأمة الإسلامية، بعيدًا عن الخلافات العقائدية التي أثبتت التجربة التاريخية أنها كانت سببًا رئيسًزا في إضعاف المجتمعات الإسلامية.

شاهد أيضاً

الفاو: ارتفاع أسعار السلع الغذائية العالمية في فبراير الماضي بنسبة 1.6%

        أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عن ارتفاع أسعار السلع …