المؤتمر الصحفي لدعم انطلاق المعرض الدولي للتمور والعسل في سلطنة عمان
كلمة سعادة عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية، مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية
متابعة : اسماء عفيفي ، ناصرعبدالحفيظ
أصحاب السعادة السفراء
الحضور الكريم
ترحب البعثة الدبلوماسية العمانية بكم وتثمن حضوركم اليوم.
وانعقاد هذا المؤتمر الصحفي يأتي انطلاقًا من اعتبارات ثقافية وحضارية، لكنه في الوقت نفسه لا ينفصل عن اهتمام كبير توليه البعثة الدبلوماسية لسلطنة عمان في جمهورية مصر العربية للملف الاقتصادي بمفرداته كافة. والبعثة تعمل بكل طاقتها لبناء جسور العاون الاقتصادي بين مصر وسلطنة عمان وتعزيز القدرات الاقتصادية للبلدين الشقيقين وتقديم الفرص الواعدة التي يتيحها الاقتصاد العماني للمستثمرين المصريين، وهي في الوقت نفسه تشجع دخول الاستثمارات العمانية لتتبادل المنافع مع شعب عزيز ودولةٍ تربطها بسلطنة عمان أوثق الأواصر منذ فجر التاريخ.
الحضور الكريم
وعند الحديث عن التاريخ يأتي ذكر سلطنة عمان كواحدة من أقدم الدول في المنطقة العربية، حيث كانت لآلاف السنين اسمه ازدانت به المدونات التاريخية الوطنية والعالمية، وعرفت تبادل العلاقات الرسمية والتبادل التجاري برًا وبحرًا منذ أقدم العصور.
وفي قلب التاريخ العماني وفي صدارة مفردات التراث العماني تقف النخلة شامخةً، وتحتل مكانًا في الثقافة العمانية شعرًا ونثرًا، وينساب ذكر العسل بين سطور تاريخنا. وفي رحاب هذين الرفيقين القديمين للإنسان العربي وبخاصة للشعب العماني نلتقي.
وللتمر والعسل مكان في تراثنا وتاريخنا، ولهما مكانة. وفي آيات الذكر الحكيم وردت مفردات تتصل بالتمر والنخيل والعسل شاء الله أن تكون وحيًا سماويًا يُتلى إلى يوم الدين. فالنخلة في آيات القرآن الكريم: “من طلعها قنوان دانية“، ورب العزة سبحانه وتعالى يمن على البشر بأنه: “أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفًا أكله“، “والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد“، والرطب الجني هو طعام السيدة مريم العذراء، قال تعالى: “وهزّي إليك بجذع النخلة تُساقِط عليك رُطباً جنياً“.
وأما العسل فذُكِر مقرونًا بالنعيم في الجنة، قال تعالى: “وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى“، والدنيا وصفه القرآن بأنه “فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ“.
ويحفل ديوان الشعر العربي بذكر النخيل، من امرئ القيس في معلقته، إلى صفي الدين الحلي، حتى ابن سهل الأندلسي.
ولا مبالغة في القول بإن النخلة حجر الزاوية في الحياة العمانية قديمًا وحتى عهد قريب، وأنها شكلت موروثًا حضاريًا وثقافيًا.
ومن بقايا هذا الدور الكبير استمرار تقاليد وعادات عمانية تتصل بموسم الحصاد وتقاليد الإعلان عن موعد بدئه، وكذلك ما يحفل به معجم زراعة النخيل من مفردات عاشت لقرون، فمن من أهل القرى والمدن الصغيرة والبادية من يجهل: “المسطاح”، و”الكناز“، و”الخصف“، و”المدلوك“، و“التفسيخ”.
الحضور الكريم
إن الحنين إلى الماضي والاعتزاز به سمة لثقافتنا العربية، لكنه يمكن أن يصبح دافعًا إلى إعادة بعض مفرداته إلى الحياة ليصبح مصدر ثراء ثقافي واقتصادي في آنٍ واحد، والزمن الذي يحن إليه كثيرون عندما كانت الحياة العمانية في بساطتها تدور حول النخيل، هو زمن لم تكن فيه النخلة رمزًا بل مقوم حياة، واليوم تستعيد سلطنة عمان جانبًا من هذا الفصل من تاريخها بأدوات العصر الحديث، ومستهدفةً تحقيق تنويع اقتصادي تحتاج إليه الأجيال القادمة.
ولما للنخلة من دورٍ في اقتصاد عمان عبر التاريخ يُعاد إحياء دورها كمنتج مهم في منطومة الأمن الغذائي، الذي أكدت أهميته “رؤية عمان 2040”.
ومن هنا، دشنت سلطنة عمان مشروع زراعة المليون نخلة، في ظل توجهات الحكومة لتعزيز الأداء وتحقيق الاستدامة المالية، وتماشيًا مع رؤية عمان ٢٠٤٠ وخصوصا محوري الجهاز الإداري للدولة والاقتصاد. ويُعد هذا المشروع من أكبر المشاريع الرائدة في السلطنة.
ويضم مشروع زراعة المليون نخلة حتى الآن (10) مزارع صديقة للبيئة ومزرعة عضوية واحدة منتشرة في (6) محافظات من السلطنة، مثل:
مزرعة عبري
مزرعة نزوى
مزرعة الصفاء
مزرعة رحب وغيرها الكثير.
وعبر هذا المشروع الرائد يعود النخيل إلى قلب الحياة الاقتصادية العمانية لكن بأحدث التقنايتن وفي مقدمتها: “الزراعة الذكية“باستخدام التكنولوجيا الرقمية والروبوتات والطائرات بدون طيار خلال دورة تلقيح أشجار النخيل.
وثمرة هذا الاهتمام بالنخيل ودوره في الاقتصاد الوطني العماني، تحتل سلطنة عمان المرتبة الثامنة عالميًا والثانية خليجيًا في إنتاج التمور، إذ يبلغ عدد أشجار نخيل التمر في سلطنة عمان أكثر من 9 ملايين نخلة تنتشر على مساحة تقدر بـ62 ألف فدان وبإنتاجية تصل إلى 51 كيلوجرامًا للنخلة الواحدة، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 40 كيلوجرامًا. وبلغ إنتاج سلطنة عُمان من التمور بنهاية عام 2022 نحو 377 ألفطن.
والتطور نفسه ينطبق على إنتاج العسل في سلطنة عمان وبلغ بنهاية العام 2022 أكثر من 533 ألف كيلوجرام.
الحضور الكريم
إن المعرض الدولي للتمور والعسل في سلطنة عمان في دورته الجديدة يأتي في ثوب جديد، ويطمح القائمون عليه إلى أن يحتل المكانة التي تليق به بين الفعاليات الدولية المماثلة.