كورونا والدروس المستفادة في قطاع الضيافة محلياً وعالمياً

كتب – علاء حمدي
مني قطاع الضيافة بصدمة قوية بفعل وباء كورونا؛ هذا الوباء الذي اجتاح العالم، وخلف آثارا ما زلنا نشهدها ونعاني منها حتى هذه اللحظة. بيد أن المحن دائما ما تحمل في طياتها منحا كثيرة علينا الإستفادة منها. من ذلك، أن هذا الوباء خلق حالة من التضامن بين الشعوب ومجتمعات وبيئة أفضل؛ هذه البيئة التي يمكن الاستفادة منها الآن لخلق قطاع ضيافة أكثر متانة واستدامة. ومع اقترابنا من نهاية الربع الأول من عام 2021، نرى أنه من المفيد إعادة النظر في كل ما سبق من سياسات لاستخلاص العبر والدروس التي تعلمناها كعاملين في هذا القطاع، والتعرف على ما يمكن القيام به في المستقبل.
الدرس الأول: علينا الثقة بالمستقبل
مع انتشار الوباء في بدايات العام الماضي، كنا نعلم أن ردة فعلنا تجاهه هي التي سوف تحدد مستقبلنا كقطاع. في البداية، لم تكن لدينا فكرة حول كيفية التصرف حياله. هل نغلق أبواب فنادقنا، أو نبقيها مشرعة؟ كنا باختصار نتجه نحو المجهول، ولا نرى بارقة أمل في نهاية النفق. بيد أن أمرا واحدا مؤكدا كان ماثلا في أذهاننا، وهو أنه إن أغلقنا الأبواب ولو مؤقتا، فسوف نعاني وتنفد لدينا التدفقات النقدية وتتراكم مصاريف الصيانة بصورة لا تحتمل. ولكن قبضنا على الجمر، وتحدينا الفيروس. وتبين لنا أن قرارنا كان صائبا، على الأقل في الشرق الأوسط. فلو نظرنا إلى هذه المنطقة من العالم، فسنجد أن الفنادق التي ظلت مشرعة الأبواب كانت ذات أداء أفضل من تلك التي اختارت الإغلاق وهذا ينطبق على مجموعة فنادق راديسون العالمية ناهيك عن التدفقات التي حققتها، الأمر الذي ساعدها على تخطي الكثير من مصاعبها السابقة. وهذا بالضبط كان دافعنا للاستمرار والإيمان بأننا سوف نتعافى إن انتهجنا طرقا مبتكرة وجديدة، فكما أن الفيروس يتحور وينتج سلالات جديدة، فعلينا نحن أيضا أن نتحور وننتج سياسات جديدة!
الدرس الثاني: تأثير قطاع الضيافة لا يتوقف على ملاك الفنادق بل يتعداهم
أشارت الإحصائيات إلى أنه في عام 2019 شكلت صناعة الضيافة، وبالتحديد قطاعي السفر والسياحة، أكثر من 10% من إجمالي الناتج الإجمالي العالمي، وبحجم وظائف بلغ 300 مليون وظيفة على مستوى العالم، مع توقعات صادرة عن المجلس العالمي للسفر والسياحة أن تصل المساهمة المباشرة لهذا القطاع في الشرق الأوسط لوحده إلى 133.6 بليون دولار خلال عام 2028. إذن الصورة لا تبدو قاتمة، بل تروي قصص نجاح تستحق الذكر. فالمملكة العربية السعودية اثبتت للعالم نجاحها بإمكانياتها الإقتصادية وحكمة سياساتها في التعامل مع تأثيرات الوباء وبادرت باتخاذ إجراءات فعالة.
و لم تأل جهدا في المقاومة وتكريس مزيد من الجهد في هذا القطاع وتمكينه من الحفاظ على فرص العمل عبر الدعم والمساندة. بيد أن المسيرة مازالت طويلة، وعلينا الإبتكار لتحقيق الأهداف المرجوة والإبداع وصولا للنجاح المطلوب، فالمستقبل المشرق يكتب دائما للطامحين بإحداث تأثير إيجابي على المجتمعات ودعم جهود أفراد تلك المجتمعات للتطور المستمر.
الدرس الثالث: الفنادق الفردية مهمة، فبدونها لا تكتمل الصورة ..
الآن هناك التزام من جانب سلاسل الفنادق العالمية العاملة في الشرق الأوسط على العموم وفي مجموعة فنادق راديسون العالمية بالتحديد بدعم رواد الأعمال ومستثمري قطاع الضيافة في هذه المنطقة من العالم، وبخاصة أولئك الذين عملوا بلا كلل لإقامة فنادق جديدة أو توسيع فنادق قائمة، نظرا لأن سلاسل الفنادق العالمية ومنصات الشراء والتوزيع الخاصة تمثل شريان الحياة بالنسبة لهم لضمان استمرارية واستدامة عملهم. على مدى السنوات السابقة، وفي منطقة الخليج العربي مثلا، سجلت هناك زيادة كبيرة في عدد الفنادق المقامة أغلبها في إطار إتفاقيات تعاون مع فنادق عالمية، أو في ظل علامات تجارية محلية، ودون أن ننسى الفنادق الفردية التي تملك الرؤية ولا تحتاج سوى إلى دعم في ظل وباء كورونا، والتي نجحت بالفعل في الحصول عليه من خلال الارتباط بشبكات فنادق عالمية مثل راديسون من خلال علامة تجارية محلية، مع احتفاظ الفنادق المحلية بعلاماتها التجارية الخاصة بها، والاستفادة في نفس الوقت من أنظمة التوزيع والمبيعات والتسويق واقتصاديات الحجم والمساومة مع وكالات السفر وأنظمة المشتريات الخاصة بتلك الفنادق العالمية. ومثل تلك الفنادق المحلية لم تكن الخيارات صعبة أمامها، بل مفتوحة، فإما أن تظل تعمل في ظل علامتها التجارية، أو الإنضواء بكل بساطة تحت علامة تجارية شهيرة …
الدرس الرابع: المحلية هي أولوية
لم يسهم وباء كورونا في إعاقة قطاع السياحة، بل استمر الإنتعاش في هذا القطاع، وبخاصة سياحة الأعمال، مع اليقين بأن سياحة الترفيه الفردي والعائلي سوف تنتعش هي أيضا وبسرعة في ظل سعي الفنادق لتقديم حسومات مغرية وترقيات الحجز المجانية ومرونة الحجز والإلغاء. وهنا، نعتقد أن الشركات سوف تولي اهتماما أكبر بعروض تلك الفنادق، ومع علمنا بأن الطلب على سياحة الترفيه سوف يزداد، إلا أن عودة الأعمال إلى طبيعتها بصورة كاملة ماتزال غير مؤكدة. وهذا هو السبب وراء سعي الفنادق العالمية لتقديم نوع من الخدمات المختلطة لسياحة الأعمال، والتي تضم غرف عمل وقاعات اجتماعات افتراضية عبر فروعها المنتشرة عالميا. وعلى الرغم من أن هذه العروض موجهة أساسا لقطاع الأعمال، إلا أنه يمكن للأفراد وقطاعات الأعمال الصغيرة الاستفادة منها لإقامة فعالياتها المحلية، أو اتخاذها كأماكن عمل هادئة بعيدا عن صخب بيئات العمل التقليدية..
الدرس الخامس: خطوة واحدة واسعة إلى الأمام
عانت صناعة السفر والسياحة من العديد من التحديات؛ منها الحجر الصحي وزيادة حالات الإصابة بالوباء خلال عام 2020، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهذا ما دفع الفنادق العاملة في هذه المنطقة من العالم إلى إطلاق مبادرات لزيادة الطلب على الإقامة الفندقية. وعزز الاعتقاد بأن الإقتصاد الخليجي والإقليمي سيعتمد في المستقبل بصورة كبيرة على السياحة والسفر للتعافي بسرعة، وخاصة مع تعميم اللقاح على كل من المواطنين والمقيمين. مما سيسهم في نمو الرحلات القصيرة الأجل وإجازات نهاية الأسبوع، وخاصة مع توجه الكثير من مواطني الدول الأوروبية ( والتي تعتبر مصدرا للسياح) إلى المنطقة هربا من الإغلاقات والأزمات التي تعيشها دولهم، ومنها عدم تعميم أو التلكؤ في تقديم اللقاحات على نطاق واسع..
الدرس السادس: لا تهاون في مسألة الأمن والسلامة والنظافة

سلامة وأمن الجميع هما أولوية في قطاع السياحة والسفر، وكذلك التوعية والحذر والتقيد بالإجراءات الوقائية، وهذا ما حدا بمجموعة راديسون العالمية لتطبيق أقصى بروتوكولات السلامة والأمان والنظافة بالتعاون مع شركة سي جي إس ( والتي تعد من أهم شركات الفحص والاختبار والتدقيق العالمية) حرصا منها على ضمان إقامة آمنة للنزلاء وإبعادهم عن خطر الإصابة بالوباء. الدرس السابع: دائما هناك فرص جديدة

لا توجد مشكلة إلا وتحمل في طياتها حلولا لها. والأمر نفسه ينطبق على كوفيد – 19. فمع انتشاره، برزت أمام قطاع الفنادق والسياحة فرص لإعادة التقييم وابتكار سياسات وطرق جديدة للتكيف والتعامل مع الوباء. فإن لم تتم الاستفادة من تلك الفرص، فلن يتمكن هذا القطاع من استعادة ثقة العملاء والتعرف على رغباتهم لتلبية احتياجاتهم المتغيرة، سواء على صعيد الطعام أو السفر أو الرياضة أو نمط الحياة أو غير ذلك. وفي الحقيقة فإن كورونا خلق أنماطا فكرية جديدة علينا أن نتفاعل معها بذكاء، فالعميل الذي كان يفضل فندقا فخما في مدينة أو نزلا في جبل أو ريف أو منتجعا على شاطيء البحر أو مجرد مبيت وإفطار بسيط، سوف يقول لك الآن أنه ” يفضل الإبتعاد” للنجاة بنفسه وبعائلته من خطر الوباء. وما علينا سوى الاستجابة وتحقيق هذا المطلب له.
وأخيرا نقول أنه على الرغم من تباطؤ بعض الدول في تقديم اللقاحات، فإن الواقع يشير إلى وجود الكثير من الفرص أمام قطاع الفنادق لاستئناف العمل من جديد، وتجاوز هذه المحنة والظهور بمظهر أقوى من السابق.

شاهد أيضاً

“سامي أبو سالم .. صوت غزة الذي لا يخبو تحت الحصار”

  سمير السعد في عالم الصحافة، حيث الكلمات قد تكون أقوى من السلاح، يقف الصحفي …