بقلم – ريم أبو عيد
لم يعد يمر يوم إلا ويمارس شياطين الإنس عنفهم وإرهابهم ضد مخلوقات الله الضعفاء، الحيوانات التي قال عنها الله لبني آدم في كتابه العزيز الذي لا ريب فيه “أمم أمثالكم”، كما أخبرنا جميعا في أكثر من موضع من القرآن بأنه لا يحب المعتدين “إن الله لا يحب المعتدين”، وعلى الرغم من ذلك تزداد كل يوم جرائم الاعتداء الوحشية والهمجية على هذه المخلوقات العجماء التي تسبح الله بكرة وعشية “وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم”، وهي مثلما تسبح تشكو أيضا إلى الله من أولئك الذين يعتدون عليها بكافة أشكال وصور العدوان، حتى أن العنف بات نهجا مجتمعيا وليس مجرد حوادث فردية يرتكبها بعض المختلين إنسانيا ودينيا.
فما بين حملات تسميم جماعية لكلاب الشارع المصري يقوم بها موظفو الطب البيطري الحكومي بدلا من تقديم الرعاية الصحية والعناية الطبية لتلك الحيوانات كما يفترض في هذه المهنة، واعتداءات الكثير من أفراد المجتمع على حيوانات الشارع بوجه عام سواء قطط أو كلاب بلا أي مبرر أو جريرة ارتكبتها تلك الحيوانات غدونا مجتمعا ساديا، فاقدا لكل معاني الرحمة والإنسانية التي حثت جميع الديانات عليها وأمرت بها.
حتى أن بعض أئمة المساجد الذين من المفترض أنهم حافظوا لكتاب الله وتعاليم دينه السمحة، أصبحوا يمارسون الإرهاب على هذه المخلوقات بأبشع الطرق وأكثرها وحشية، مثلما فعل إمام أحد المساجد بمحافظة أسوان حيث قام برجم كلبة مرضعة وجراويها حتى الموت، لم تردعه آيات الذكر الحكيم التي يتلوها كل يوم في صلواته عن ارتكاب هذه الجريمة المروعة في حق أرواح خلقها الله مثله تماما. ولم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، بل جعل بعض الناس ممن هم على شاكلته من عديمي الإنسانية والرحمة والدين، يشاركونه في جريمته النكراء.
فكيف لإرهابي كهذا أن يكون إمام جامع يؤم الناس للصلاة والسجود لرب العالمين، كيف له أن يصلي على نبي الرحمة وهو يقرأ التشهد في كل صلاة وهو أبعد ما يكون عن الرحمة. كيف يدعو الناس إلى التأسي بالرسول عظيم الخلق، وهو نفسه فاقد لكل خلق إنساني قويم. إن مثله لا يمثل خطرا على الحيوانات فقط، بل على المجتمع بأكمله.
فمن يمارس هذا العنف ضد حيوان أعزل أعجم، ليس بإمكانه أن يعلم الناس تعاليم دينهم الصحيح، وإنما بالتأكيد سيغزي عقولهم بأفكاره المتطرفة والإرهابية. ومن المفترض أننا دولة تحارب الإرهاب ومعتنقي الفكر الإرهابي، فكيف نسمح لأمثال هذا الإرهابي أن يتعلو منابر المساجد وأن ينفثوا سمومهم في أفراد المجتمع؟ بل كيف لمجتمع بات العنف سلوكا جمعيا فيه، وأصبح التلذذ بالاعتداء على مخلوقات الله منهجا حياتيا يوميا، أن يتجرأ ويرفع أكفه إلى السماء طالبا من الله الرحمة ورفع البلاء عنه؟ وسنة الله في كونه أنه من لا يَرحم لا يُرحم، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.
فأين نحن كمجتمع من هذه الرحمة التي هي أساس الدين، إننا أبعد ما يكون عنها، ولن تتنزل علينا رحمة الله بحق كما نرجوها إلا إذا بادرنا أولا بمعاملة مخلوقاته بالرحمة والرفق التي أمرنا بها. وللأسف لم يتعظ الناس من وباء كورونا الذي حل عليهم، ولا من نقمة الله وغضبه حين أغلق أبواب بيوته في وجوههم. فلم يكفوا عن ممارسة كافة أنواع الإيذاء ضد مخلوقاته، بل ويتباهون أيضا بما يفعلون متناسين قول الله “إن بطش ربك لشديد”. وإذا كان إمام الجامع بالحجارة راجما – كلبا – فلا عجب إذن أن تكون شيمة أفراد المجتمع كلهم العنف.