ملامح الحرب البارده الجديدة
بقلم السفير د عبدالله الاشعل
تلوح فى الأفق أعاصير الحرب الباردة الجديدة بين معسكرين الأول يشمل الغرب بأكمله وعلى رأسه واشنطن وربما رتق الخوف من المخاطر خينهرروج الصف الغربى ولذلك كان الرهان على تمزق الغرب ضربا من الخيال، وإذا كان هذا الخيال قد داعب ديجول فى الستينيات من القرن الماضي حيث كان يعتز بفرنسيته ويراها ضحية توحش ألمانيا ورغم ردع أمريكا لألمانيا مما يخدم فرنسا إلا أن ديجول كان يريد أن تلتف أوروبا حول فرنسا وأن يكون لأوروبا الاستقلال فى القوة النووية والتقليدية لأن ديجول فهم أن الهيمنة الأمريكية هي جائزة تحرير فرنسا وغيرها من الاحتلال الألمانى وعلى أية حال فإن نظرية ديجول تطل برأسها كلما حدثت أزمة أوروبية/ أمريكية/ فقد برزت الظاهرة وكثر الحديث عنها طوال العام الماضى بسبب أزمة أوكرانيا ولذلك رأى تشومسكى المفكر اليهودى الأمريكى أن الأزمة وطدت هيمنة واشنطن على أوروبا بينما رأيت من جانبى أن الأزمة احدثت تشققا فى جدار الأطلسى، بل هزت أركان النظم الديمقراطية. أما المعسكر الثانى فهو يضم روسيا والصين ونلحق بهما إيران، مما ينذر بحرب باردة جديدة على شفا حرب حقيقية لا يعلم العالم منها سوى توازن الرعب النووى فكل هذه الدول لديها أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية وكان بوتين قد هدد باستخدام القوة النووية إذا تعرضت روسيا للإحراج ولكن تلك التهديدات تظل نظرية بالنظر إلى القواعد الحاكمة لمنع انزلاق العالم إلى حافة الهادية.
فما هى حقائق الحرب الباردة الجديدة وما هى الفوارق بين الحرب القديمة وتلك الجديدة؟
خصائص الحرب الباردة القديمة :
أولاً: كان العالم منقسما إلى معسكرين أيضاً المعسكر السوفيتى والمعسكر الغربى وكانت كل الأسلحة وكل الساحات هى ميادين لهذه الحرب ولذلك كان السلاح محتدما بين المعسكرين على جمع الحلفاء وفى الواقع كانوا اتباع وقد امتدت هذه الحرب الباردة إلى المنطقة العربية فأحدثت حربا باردة بين العرب وانقسمت العرب إلى تابعين لاموسكو وتابعين للولايات المتحدة ونشب نتيجة ذلك خلافات حادة لصالح موسكو وواشنطن.
ثانياً: كانت موسكو وواشنطن تدفعان الاتباع إلى حروبها فقد حاربت واشنططن موسكو فى أفغانستان فى العرب المواليين لها وبالطيارات الإسلامية ونشبت أزمة أفغانستان فى وقت كان السادات رئيسا لمصر وهو بطبيعته له ميول غربية ويكره الاتحاد السوفيتى لا لسبب دينى أو سياسى ولكن بمجرد الاتحاد السوفيتى كان صديقا لجمال عبدالناصر وهو لديه عقدة عبدالناصر وكان عبد الناصر منذ بداية الستينات يكره واشنطن ويميل إلى موسكو ولكنه لم يهادن الشيوعيين المصريين بل وقعت أزمة بينه وبين خربتشوف بسبب هذا الموضوع وعندما خطب فى الأمم المتحدة عام 1960 فإنه اتخذ مواقف مصرية منحازة للاتحاد السوفيتى وعلى كل حال فإن موقف مصر من الاتحاد السوفيتى لم يكن التابع للمتبوع بينما اتجه السادات إلى واشنطن فأصبحت مصر منذ ذلك الحين تابعة لواشنطن وكان أحد الوزراء المصريين يفخر حتى وقت قريب بأن مصر جزء من حلقاء الأمن القومى الأمريكى فى المنطقة.
ثالثاً: كانت علاقات بين الصين والاتحاد السوفيتى ليست منسجمة بل اتسمت بالصراع بين نموذجين فى الحكم الشيوعى النوذج الصينى الزراعى والنموذج السوفينى الصناعى وكان النموذج الأخير هو الأقرب إلى النظرية المركسية ولكن فى المحصلة الأخيرة موسكو وبكين كانتا تمثلان قطبين من أقطاب الشيوعية ضد الغرب وعلى أى حال فإن الصراع بين موسكو وبكنين يحتاج إلى مزيد من الدراسات.
رابعاً: أن إسرائيل فى الحرب الباردة كانت مع الغرب ضد الاتحاد السوفينتى رغم أن الاتحاد السوفيتى اعترف بإسرائيل بعد قيامها بدقائق بينما كان العرب منقسمين بين موسكو وواشنطن وهذا مكن واشنطن من الدعم المطلق لإسرائيل بينما موسكو لم تقدم دعما مطلقا لحلفائها العرب وأهمهم مصر وسوريا والعراق واليمن الجنوبى .
خامساً: عامل الغرب بمنتهى الجدية ضد الشوعية السوفيتية بينما أغمض الطرف عن الشيوعية الصينية التى تمثل الآن هاجسا مخيفا للولايات المتحدة بالذات لأن الصين ادعت أنها من دول العالم الثالث وإنها كبرى الدول النامية ولذلك كسبت قلوب العالم الثالث وتسللت إليه وهى الآن تحصد نتيجة فشل المعسكر الغربى فى العالم الثالث.
خصائص الحرب الباردة الجديدة:
الخصيصة الأولى: هى أن الصراع بين الطرفين ليس صراع وجود كما كان فى السابق وإنما صراع على النفوذ والمكانة .
الخصيصة الثانية: هى أن المعسكرين يحوزان كل مظاهر القوة ولذلك عمدت واشنطن إلى إضعاف الصين وروسيا معا عن طريق
العقوبات الشاملة مما أدى إلى شبه استقلال نقدى وتعامل بين الصين وروسيا فالصين تحتاج إلى مواد الطاقة المتوفرة بكثرة فى روسيا وكانت الصين تحصل عليها من الولايات المتحدة عن طريق دول الخليج القابعة فى منطقة النفوذ الأمريكة.
الخصيصة الثالثة: هى أن القطبية الثنائية تنحصر فى المعسكرين دون أتباع أو حلفاء ولذلك صار العالم العربى شبه مستقل فيما يتعلق بخيراته بين المعسكرين والظاهر أن الصين كسبت الجولة الأولى فى المنطقة العربية مع انشغال الغرب فى الصراع مع روسيا فى أوكرانيا ولكن الدول العربية لم تحدد موقفا دائما من الطرفين وإنما هى تواجه ضغوطا أمريكية عاتية لصرفها عن الصين وروسيا دون أن يكون بمقدور العرب فى هذه المرحلة أن يستفيدوا من حاجة واشنطن إليهم بينما ضمنت الحرب الباردة القديمة هامشا من حرية الحركة من حلفاء واشنطن وموسكو بعيدا عن مركز صنع القرار الدولى.
الخصيصة الرابعة: هى أن الحرب الباردة الجديدة تهدف إما الي استمرار هيمنة الغرب أو إقامة نظام دولى أقل خضوعا للنفوذ الغربى حيث تجد موسكو فيه ما يمكنها أن تغذى نفوذها فى المنطقة العربية.
العقوبات الشاملة مما أدى إلى شبه استقلال نقدى وتعامل بين الصين وروسيا فالصين تحتاج إلى مواد الطاقة المتوفرة بكثرة فى روسيا وكانت الصين تحصل عليها من الولايات المتحدة عن طريق دول الخليج القابعة فى منطقة النفوذ الأمريكة.
الخصيصة الثالثة: هى أن القطبية الثنائية تنحصر فى المعسكرين دون أتباع أو حلفاء ولذلك صار العالم العربى شبه مستقل فيما يتعلق بخيراته بين المعسكرين والظاهر أن الصين كسبت الجولة الأولى فى المنطقة العربية مع انشغال الغرب فى الصراع مع روسيا فى أوكرانيا ولكن الدول العربية لم تحدد موقفا دائما من الطرفين وإنما هى تواجه ضغوطا أمريكية عاتية لصرفها عن الصين وروسيا دون أن يكون بمقدور العرب فى هذه المرحلة أن يستفيدوا من حاجة واشنطن إليهم بينما ضمنت الحرب الباردة القديمة هامشا من حرية الحركة من حلفاء واشنطن وموسكو بعيدا عن مركز صنع القرار الدولى.
الخصيصة الرابعة: هى أن الحرب الباردة الجديدة تهدف إما الي استمرار هيمنة الغرب أو إقامة نظام دولى أقل خضوعا للنفوذ الغربى حيث تجد موسكو فيه ما يمكنها أن تغذى نفوذها فى المنطقة العربية.