بقلم – محمد الكعبي
يشهد العالم تطوراً وتحولاً متسارعاً وكبيراً على المستوى المحلي والعالمي، والذي يفرض علينا واقعاً جديداً واستثنائيا من حيث التعامل حسب النوع والكم والكيف والذي ينسجم مع التحولات الكبرى والتي تحتاج إلى (أين وماذا ولماذا ومتى ومن)، عندها يمكن ايجاد الحلول الناجحة لمشاكلنا المحلية والاقليمية لمواكبة العالم على المستوى الداخلي بشقيه الجماهيري والحكومي وما يتعلق بهما والخارجي بكل مستوياته.
إن تطور عالم التكنلوجيا والاتصالات، والانفتاح الواسع بين المجتمعات والتداخل الثقافي وتلاقح الافكار والمعتقدات، وانتشار الشركات العابرة للقارات وعمليات تحويل الاموال والهجرة الواسعة بين الدول، وتداخل الأمن والاقتصاد والسياسة المحلية والعالمية جعلنا امام مواجهة لم نكن مستعدين لها، مما افقدنا الكثير من رصيدنا الاجتماعي والثقافي والأمني، والذي يلزم الحكومات ضبط حركة الاستثمار الأجنبي داخل البلاد، ومتابعة الشركات والمؤسسات وهيئات المجتمع المدني والمصارف والبنوك الاهلية واخضاعها إلى رقابة شديدة ومستمرة لنشاطاتها ومواردها، ورصد حركة المال في الداخل والخارج وتنقله من وإلى البلد، وعدم إهمال الجريمة الالكترونية والتجسس الصناعي والابتزاز الألكتروني والغش والتحايل والفساد الاداري وغسيل الاموال من خلال وضع القوانين الصارمة لمواجهتها والحد منها،
إن أمن الأفراد والجماعات من الاولويات التي لا يمكن التسامح فيها، لأن هناك علاقة وثيقة بين أمن الفرد والوطن والاقليم والعالم من حيث المصالح والمخاطر المشتركة، وخصوصاً بعد اتساع رقعة العولمة وظهور قوى تتحكم بالقرار العالمي، أمثال الدول الكبرى والتي تتحكم بالمنظمات الدولية والهيئات، والتي تفرض الكثير من القرارات والقوانين على الاخرين لما تمتلكه من قوة وسطوة، أو من خلال تحكمها بالاقتصاد وقدرتها العسكرية والسياسية، ولم يعد بمقدور أي دولة أن تنفرد بجميع قراراتها دون الرجوع إلى تلك الدول او إلى البنك الدولي مثلا أو منظمة التجارة العالمية، أو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وغيرها من المنظمات والهيئات،
مما فتح الباب على مصراعيه لتداخل وتباين المصالح وتحكمها بمصالح دول العالم، فكان لزاما علينا أن نسعى إلى استقلالية وسيادة بلداننا من خلال إصلاح النظام السياسي وتخليصه من المحاصصة وهيمنة الاحزاب الفاسدة، والذي يتطلب مراجعة جادة وحثيثة من خلال اجراء مصالحة مجتمعية شاملة، وتنمية مستدامة، وترسيخ مفهوم المواطنة وسيادة القانون، والفصل بين السلطات وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان واللجان، وسن القوانين والتشريعات التي تساهم في بناء دولة حقيقية ولابد من نزاهة الانتخابات، وتجنب سياسة المحاور وعلينا أن نفكر بمصلحة بلدنا أولا، ونهيئ رجال دولة قادرين على رسم مشروع الدولة الحضارية التي قوامها الانسان والارض والعلم.