اخبار عاجلة

ناصر عبدالحفيظ : زيارة ماكرون وتمثال الملك رمسيس  رسالة مصرية قوية في صورة تاريخيّة 

 

بقلم: ناصر عبد الحفيظ

في صورة واحدة جمعت بين الحاضر العريق والماضي العظيم، وقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجوار تمثال الملك رمسيس وهو جالس وباسط يديه في مشهد يبدو بسيطًا ظاهريًا، لكنه محمّل برسائل تاريخية وسياسية عميقة لكل من يملك عينًا للتأمل وفكرًا للربط.

التمثال الذي اختير بعناية

 

ليس مجرد تمثال لملك مصري قديم ، بل من الواضح أنه تم اختياره بعناية ليكون خلفية لهذه الصورة التي صدرت إلى العالم بأسره. ففي علم الرمزية المصرية القديمة ، تمثال الملك الجالس وباسط اليدين يُشير إلى عصر من السلام والاستقرار والرخاء، فهذه الوضعية لم تكن شائعة بين ملوك الحروب أو النزاعات، بل كانت تعبيرًا عن اطمئنان الملك إلى الداخل واستقراره في الخارج.

 

هوية الملك الجالس

 

التمثال الظاهر في الصورة هو على الأرجح للملك رمسيس الثاني، أحد أعظم ملوك مصر الفرعونية، والذي يُعرف بـ”رمسيس العظيم”. اشتهر بحكمه الطويل (حوالي 66 عامًا) وبإنجازاته العسكرية والعمرانية والدبلوماسية، ويُعد من أبرز ملوك الأسرة التاسعة عشرة في الدولة الحديثة.

 

ما يميز تماثيل رمسيس الثاني تحديدًا هو ملامحه الملكية الواضحة، والتي تظهر في الصورة: اللحية المستعارة، التاج الملكي، والهيبة في الجلسة. وتُعد هذه الجلسة تحديدًا رمزًا على السلام والرخاء والاستقرار الداخلي والخارجي، وهو ما يعكس الرسالة المراد إيصالها من خلال هذه الصورة.

 

كما أن رمسيس الثاني كان أول من وقع معاهدة سلام موثّقة في التاريخ، مع الحيثيين، مما يعزز الرمزية التاريخية العميقة التي تحملها الصورة: مصر بلد سلام، وصاحبة أولى تجارب الدبلوماسية في التاريخ.

 

رسالة سياسية في غلاف أثري

 

في ظل الظروف الإقليمية التي تشتعل من حول مصر، خصوصًا في حدودها الشرقية مع فلسطين وإسرائيل، والتهديدات التي تحيط بالمنطقة من كل صوب، جاءت الصورة لتؤكد أن مصر ليست فقط صامدة، بل آمنة ومستقرة، وتتمتع بقيادة واثقة وجيش مستعد وشعب ملتف حول قيادته، كما ظهر ذلك جليًا في تفويضات الشعب للرئيس بعد صلاة عيد الفطر في مسيرات حاشدة تُظهر الثقة والدعم في كل ما هو قادم.

blank

زيارة ماكرون لموقع شعبي لا رسمي

 

أن يتجول رئيس فرنسا في قلب القاهرة القديمة، مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي وتحديدًا في الجمالية وخان الخليلي والحسين، بعيدًا عن البروتوكولات الأمنية الصارمة، يعني أن رسالة الأمان قد وصلت. فما فعله ماكرون لم يكن عفويًا، بل بموافقة وتنسيق أمني على أعلى مستوى من الجانب الفرنسي، والذي لا يسمح بمثل هذا التحرك إلا إذا كان هناك ثقة مطلقة في قدرة الدولة المضيفة على الحماية.

 

المتحف المصري الكبير: نافذة على الحضارة والمستقبل

 

زيارة الرئيس الفرنسي للمتحف المصري الكبير، والذي لم يُفتتح بعد، تؤكد أن مصر لا تكتفي بماضيها، بل تُعيد تقديمه للعالم في أبهى صورة. وقد لاقت الزيارة أصداء عالمية واسعة، أبرزت مدى استعداد مصر لأن تكون مركزًا ثقافيًا وسياحيًا عالميًا، يُعيد الربط بين الماضي والحاضر.

 

في الختام

 

الصورة لم تكن عشوائية، بل مُحملة برمزية دقيقة وذكية. مصر التي واجهت تحديات ضخمة، من إرهاب داخلي لحروب إقليمية قريبة، تُصدر الآن للعالم صورة ملك جالس مطمئن، ورئيس دولة عظمى يقف بجواره باحترام، ورسالة واضحة أن مصر آمنة، مستقرة، وماضية بثقة نحو المستقبل.

شاهد أيضاً

blank

ناصر عبد الحفيظ يكتب: السيسي يفاجئ العالم مترجلا مع ماكرون في خان الخليلي

    ضجت وسائل التواصل الاجتماعي معربة عن فرحتها بالجولة التي قام بها السيد الرئيس …