اخبار عاجلة

ناصر عبدالحفيظ يكتب : ترامب بين السياسة والتربح: هل كانت خطوة غير قانونية أم مجرد تكتيك اقتصادي؟

 

 

في التاسع من أبريل 2025، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تأجيل تنفيذ الرسوم الجمركية على 90 دولة لمدة 90 يومًا، وهو القرار الذي تسبب في تغييرات جذرية في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية. لكن هذا الإعلان جاء في وقت حساس، حيث كانت الأسواق قد شهدت انهيارًا كبيرًا بعد تصعيد ترامب للصراع التجاري مع الصين.

 

من الحرب التجارية إلى المكاسب الفاحشة

 

كانت الخطوة الأولى في ما قد يراه البعض “مخططًا مدبرًا” عندما قام ترامب بفرض رسوم جمركية على السلع الصينية بنسبة 125%، مما أدى إلى خسائر هائلة للأسواق، وخصوصًا للمستثمرين الصغار. لكن الأمور سرعان ما تغيرت بعد إعلان ترامب عن التأجيل المثير للرسوم، مما جعل أسواق الأسهم تعود بشكل سريع، ما دفع مؤشر S&P 500 إلى الارتفاع بنحو 9.5% في يوم واحد، ورفع القيمة الإجمالية للأسواق بمقدار 4 تريليونات دولار.

 

لكن المفاجأة الكبرى كانت في ارتفاع أسهم شركة ترامب (DJT) بنسبة 22% في نفس اليوم، مما أدى إلى زيادة ثروته الشخصية بنحو 415 مليون دولار في ساعة واحدة فقط. ما يثير القلق هو أن هذا لم يكن محض صدفة، بل قد يكون جزءًا من استراتيجية مبيتة.

 

“Pump and Dump” أو احتيال السوق؟

 

التقارير كشفت أن ما حدث يشبه إلى حد كبير مخططًا احتياليًا معروفًا في عالم البورصة يُسمى “Pump and Dump”، حيث يتم خلق حالة من الهلع في السوق لخفض أسعار الأسهم، ثم يتم شراء الأسهم الرخيصة بعد انخفاض قيمتها، ليتم رفع قيمتها مرة أخرى بعد نشر أخبار إيجابية. ووفقًا للتحليل، فقد تمت مراقبة السوق قبل الإعلان عن القرار، حيث ارتفع حجم تداول خيارات الشراء (Call options) بشكل غير طبيعي.

 

لكن السؤال المهم الذي يطرحه كثيرون: من كان يعرف مسبقًا عن هذه التحركات؟ هل كان هناك تسريب للمعلومات استغلته الطبقات الثرية والمقربون من ترامب لتحقيق أرباح فاحشة على حساب العامة؟

 

ماذا قال مسؤولو الحكومة؟

 

بعد ما وصفته بعض الصحف المحلية بـ”أكبر مخطط تلاعب بالأسواق في العالم”، حاول البيت الأبيض تبرير التصرفات، قائلاً أن الرئيس كان يمارس حقه في طمأنة السوق وفقًا لاحتياجاته الاقتصادية. ومع ذلك، لم يقتصر الجدل على الصحافة والمعلقين؛ فقد خرج عدد من أعضاء الكونغرس ليتهموا ترامب بالفساد والتربح غير المشروع، بما في ذلك السيناتورة إليزابيث وارن التي وصفت ما حدث بأنه “فساد مالي من العيار الثقيل”.

 

هل أصبح تويتر أداة للتلاعب المالي؟

 

اللافت للنظر هو كيف أصبح تويتر، وأدوات التواصل الاجتماعي الأخرى، وسيلة لخلق تقلبات هائلة في الأسواق المالية. فقد أكد تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” أن صناديق التحوط بدأت بالفعل في تعديل خوارزمياتها للعمل بناءً على تغريدات ترامب، مما يجعل الرئيس الأمريكي بمثابة “مؤشر تداول” فعال.

 

الطبقة الثرية.. والمستفيدون الوحيدون

 

ما حدث يبدو وكأنه نقل غير مسبوق للثروات من الطبقات العادية إلى الطبقة الثرية. فبينما تكبد المستثمرون الصغار خسائر فادحة نتيجة انهيار الأسواق، كانت تلك هي اللحظة المثالية للأوليغارشيين ورجال الأعمال المقربين من ترامب للربح السريع من التلاعب بأسعار الأسهم.

 

هل هذه هي أمريكا الجديدة؟

 

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أصبحت أمريكا دولة يسمح فيها لرئيس بتوظيف منصبه لتحقيق أرباح ضخمة عبر التلاعب بالأسواق؟ هل أصبح تويتر وغيره من المنصات أداة لفتح المجال أمام التلاعب المالي العلني؟

 

من المؤكد أن ما حدث في تلك الأيام العاصفة لم يكن مجرد مسألة اقتصادية عابرة، بل كان بمثابة زلزال اقتصادي أدى إلى إعادة توزيع الثروات لصالح الطبقات العليا، مما يجعلنا نطرح التساؤلات حول مستقبل شفافية السوق الأمريكي وإمكانية تكرار مثل هذه التحركات في المستقبل

شاهد أيضاً

برعاية سلطنة عمان مسقط تستضيف مفاوضات وزير الخارجية الايرانى و مبعوث الرئس الامريكى

    كتبت: أسماء عفيفى   استضافت سلطنة عُمان بمسقط اليوم لقاء تاريخيًّا بين معالي …