متابعة – علاء حمدي
عقد قطاع شؤون الإنتاج الثقافي، ندوته الشهرية تحت عنوان “الأخوة الإنسانية.. ومناهضة خطابات الكراهية”، مساء أمس الإثنين، بمركز الهناجر للفنون في ساحة دار الأوبرا، مع اتباع وتنفيذ كافة الإجراءات الاحترازية والوقائية.
وقد حضر الندوة كلا من: الدكتور أحمد عزيز، رئيس جامعة سوهاج، والدكتور محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر، والمنسق العام لبيت العائلة المصرية، والأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية، والشيخ الدكتور مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم والداعية الإسلامى، والإعلامى تامر حنفى بقناة النيل للأخبار، وأدارت الندوة الناقدة الدكتورة ناهد عبدالحميد، مدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافى.
بدأت الندوة بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية، أعقبه فقرة فنية قدمتها فرقة المولوية بقيادة الدكتور عامر التونى، عدة أنشودات صوفية بمصاحبة رقصات التنورة.
أكدت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ملتقى الهناجر الثقافى، أن الأهمية البالغة لموضوع النقاش “الأخوة الإنسانية.. ومناهضة خطابات الكراهية”، الذى تنبع أهميته من كونه ضرورة إنسانية لا ينشدها العالم العربى فحسب، بل إنها تمثل ضرورة حياتية للعالم أجمع.
وأوضحت عبدالحميد، أن العالم شهد منذ عامين ولادة حدث عالمى مهم فى ذات الإطار، ألا وهو توقيع الأزهر والفاتيكان وثيقة الأخوة الإنسانية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، تحديدا فى الرابع من فبراير عام 2019، فى لحظة تاريخية فارقة جمعت بين فضلية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، فى مبادرة تاريخية كبرى جمعتهما فيها فكرة الأخوة الإنسانية، واستمد هذا الحدث أهميته العالمية كون النظر كان للإنسان فقط أيا كان دينه أو عرقه أو لونه.
وأشادت عبدالحميد، بدولة الإمارات العربية المتحدة التى احتضنت هذا الحدث العالمى المهم، بهدف تعزيز مبادئ الأخوة الإنسانية ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وخطابات الكراهية، بين شعوب العالم كافة باختلاف اتجاهاتها وأعراقها، وأشارت إلى مشاركة نخبة من كبار القيادات والرموز الدينية من مختلف أنحاء المعمورة؛ حيث جلس جميعهم بمختلف اعتقاداتهم الدينية على طاولة حوار واحدة، واتفقوا على الإنسانية؛ فيبقى الحوار هو السبيل الوحيد للتعايش المشترك بين الجميع؛ فلن يتحقق السلم العالمى دون سلام الأديان، وأكدت أن تلك الوثيقة تعد أول وثيقة للعلاقات الإنسانية فى العصر الحديث، وهى وثيقة كان يحتاجها العالم بأسرة؛ فيحتاجها رجل الدين سواء كان فى الكنيسة أو المسجد، وكذلك على الصعيد الاجتماعى والتربوي يحتاجها المعلم والأستاذ الجامعى وصناع القرار السياسى، وقبل كل ذلك تحتاجها الأم، وفى مختتم كلمتها أكدت أن وثيقة الأخوة الإنسانية ستبقى دليل للأجيال القادمة؛ فهى تمثل أهمية كبيرة ممتدة للأجيال القادمة بما تحمل من نشر لقيم التسامح الإنسانى، ووصفتها الإنجاز الكبير الذى لم يأتى فجأة، ولكنه جاء نتاج لقاءات وحوارات كثيرة بين الأزهر والفاتيكان على مدار أكتر من عام، إلى أن أصبح يوم الرابع من فبراير من كل عام هو اليوم الذى يحتفل فيه العالم كله بالأخوة الإنسانية، وذلك بطبيعة الحال بعد اعتراف الأمم المتحدة به، وهو الأمر الذى يُعد إنجازًا عظيمًا فى حد ذاته.
وقال الدكتور محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر، والمنسق العام لبيت العائلة المصرية، إن وثيقة الأخوة الإنسانية تعد امتدادا لدور الأزهر الشريف ومتابعة للجهود والمبادرات التى تبذل تحت رعايته، وتمثل الإرادة المصرية المصممة على العيش المشترك ورفض التطرف والعنف وإدانة الجرائم التى ترتكب باسم الأديان السماوية، وتؤكد على مدى رؤية وبعد نظر السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى جسد معنى الأخوة الإنسانية عمليًا على أرض الواقع فى مصرنا الحبيبة، من خلال افتتاح مسجد الفتاح العليم وكنيسة ميلاد المسيح، جنبا إلى جنب بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك فى مطلع عام 2019م قبل توقيع هذه الوثيقة، التى تعتبر بدورها امتداد لنسق الأزهر الشريف الفكرى الوسطى الذى يقوم على احترام التعددية الدينية والمذهبية وقبول الآخر والعيش المشترك؛ فالأزهر الشريف يقدر الكنيسة المصرية ويعرف مكانتها وقدرها، والكنيسة المصرية كذلك تقدر الأزهر الشريف وتعرف مكانته ودوره فيما يتعلق بأمر التعددية وقبول الآخر والعيش المشترك بيننا على أرض مصر.
من جانبه أضاف الأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية، أن وثيقة الأخوة الإنسانية جاءت تأكيدا لمعنى العيش المشترك، وقد استمدت تلك المعانى والقيم من الكتاب المقدس والقرآن الكريم.
واستشهد الأنبا إرميا، بعدة آيات قرآنية بسورة البقرة قائلا: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الَْأرْضِ خَلِيفَةً”، مؤكدا أن مصر منذ فجر التاريخ شكلت خير مثال لاحترام التعددية؛ حيث لجأ إليها للعديد من الأنبياء مثل: إبراهيم، ويوسف عليهما السلام، كما نزل فيها يعقوب وموسى عليهما السلام، مؤكدا أن خليفة المسلمين عمرو بن الخطاب قدم أروع فى التعايش والتآخى واحترام الآخر منذ قرون حينما لم يقم الصلاة فى كنيسة احترامًا للأقباط؛ فالمؤمن يدرك لما خلق الله الإنسان، وزرع فى نفسه من صفاته الحسنى مثل حب الخير، والعدل، والمحبة.
وأشاد الأنبا إرميا، بتخصيص جامعة سوهاج لجائزة تحمل اسم الإمام الأكبر الراحل محمد سيد طنطاوى، وهى جائزة التسامح والحوار الدينى.
وأكد الدكتور أحمد عزيز، رئيس جامعة سوهاج، أن قضية التسامح الدينى تمثل أهم القضايا لعالمنا المعاصر؛ فالحوار الدينى هو القاعدة الرئيسية للتواصل بين مختلف الأديان، والسبيل إلى الوصول للمفاهيم المشتركة بين الأديان والفرق العقائدية على حد سواء، وفى هذا الإطار تأتى جائزة التسامح والحوار الدينى لفضيلة الإمام الأكبر الراحل محمد سيد طنطاوى، وتقدر بمبلغ مائة ألف جنيه؛ حيث تبرع رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس بمبلغ مليون جنيه لجامعة سوهاج، وتم وضعها وديعة بأحد البنوك، من ريعها تقدم الجائزة سنويا، ليتنافس على نيلها محليا وعالميا الأفراد والمؤسسات والهيئات الحكومية والباحثين فى مجال التسامح والحوار الدينى، وقد ضمت لجنة تحكيمها كل من: الدكتور اسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، والأنبا باخوم اسقف سوهاج والمنشاه والمراغة، والدكتور فتوح خليل القائم بعمل عميد كلية الآداب، والدكتور محمد نبيل غنايم استاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم، الدكتور نبيل سعد، الأستاذ المتفرغ بكلية التربية.
وتحدث الداعية الإسلامى الدكتور مظهر شاهين، حول موضوع الأخوة الإنسانية مستشهدًا بالآية الكريمة: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”، وانطلاقا من مدلول هذا المعنى سنصبح جميعًا إخوة لا يجوز أى منا على الآخر، مشيرًا إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية جمعت النصوص الدينية وصاغتها وعنونتها؛ وهذا هو جوهر الأديان السماوية الحقيقى.
وعن تجربته الإعلامية أوضح أن فكرة البرنامج تؤكد أن الشيخ والقس ينبغى أن يكون كلاهما جنبًا إلى جنب على الدوام ليس فى المناسبات الحزينة والمؤسفة فقط، بل على الدوام بصفة مستمرة فى مختلف الأوجه الحياتية.
من جانبه أوضح الإعلامى تامر حنفى، أن الجزء الأصلى بوثيقة الأخوة الإنسانية، مفهوم طرح هذه الفكرة بشكل إنسانى محض هو اللجوء إلى مشتركات إنسانية يمكن الإتفاق عليها، وما طرحه من قبل الفيلسوف الألمانى “كانط” فى كتابه “العقل المحض”، يشير إلى أنه فى إحدى فترات تغير الوضع السياسى فى أوروبا فى العصور الوسطى وما صاحبه من تغيرات فى سلطة المؤسسات الدينية آنذاك، كانت محاولة البحث عن مشتركات بين البشر أهم المساعى التى لجأوا إليها.
وحول الخطاب الإعلامى أكد على أهمية تحديد الأهداف والأولويات عند وضع مخطط إعلامى؛ بحيث أن يكون إضاءه العقول بالوعى هو الأساس؛ فحينما يتغير الإنسان ويسمو إلى لأفضل بالتأكيد سيتغير الواقع للأفضل.