ثورة سبتمبر الخالدة ووهج التاريخ

 

بقلم السفير د – محمد علي مارم

 

ونحن نحتفل بالعيد التاسع والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة يتعين علينا اكثر من اي وقت مضى استعادة روحها ووهج نظامها الجمهوري وإزالة ما علق بها من تشوّهات تسببت فيها ظروف صعبة عصيبة وسنوات طويلة من التجديف بعيدا عن مبادئها وأهدافها ، وهو في واقع الامر ما أتاح الفرصة لمحاولات الإماميين الجدد الذين يحلمون بعودة الإمامة وفرض سيطرة خرافة الولاية، ومحاولة إنشاء نظام عنصري أكثر تخلفاً ودموية حتى من ذلك الذي كان قائماً قبل ثورة 26 سبتمبر 1962.

نعم إن اليمنيين اليوم بحاجة الى بعث واستدعاء القيم الحقيقية للثورة والجمهورية وإسقاط كافة المزاعم والمحاولات المهزومة سلفا والتي تسعى الى تزييف وعي وتأريخ هذا الشعب العريق وتدعوا الى التمييز الطائفي والمذهبي والجهوي . لقد اعتقدت الغالبية العظمى منا كيمنيين قبل عام 2014 أن ثورة 26 سبتمبر 1962 جعلت من حكم الكهنوت الإمامي نظاماً بائداً عفى عليه التاريخ والزمن وأن النظام الجمهوري صار في مأمن من الانقضاض عليه أو الارتداد عنه، وأنه لم يعد هناك أحد يمكن أن يفكر في استعادة حكم يتكئ على وهم الفئة المختارة وخرافة حقها وحدها في الحكم دون غيرها .

إن علينا ان نتذكر بأن اجزاء عزيزة من اليمن ماتزال تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية التي تدعى الحق الإلهي في الوصاية كما أسلفنا وهو ادعاء كاذب غريب ومريب ومصادفات تاريخية ترتبت عليها كل الويلات والفظائع الكارثية التي يعاني منها ابناء شعبنا العظيم.

لذلك فاننا مدعوون إلى الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر لندرك من جديد اهمية وضرورة الدفاع عن المنجزات والمكاسب والمحافظة على النظام الجمهوري وحق المواطنة المتساوية والكرامة الانسانية وهو ماتقوم به الآن الشرعية الدستورية للشعب اليمني بقيادة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة ومعه جميع الشرفاء المخلصين من ابناء هذا الوطن الذين تجشموا مختلف المشقات والمخاطر والتحديات وآلوا على أنفسهم ان يقفوا صفا واحدا وسدا منيعا للدفاع عن الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر والتصدي لكل المؤامرات والمخططات الداخلية والخارجية التي تسعى للنيل من عظمة ومجد هذه الثورة الخالدة مهما كان الثمن.

إن السادس والعشرين من سبتمبر يعني لنا الكثير كجيل نشأ وترعرع في كنف وتحت راية هذه الثورة، التي صبغت الشخصية اليمنية وشكَّلتها بتعاليمها وفكرها وثقافتها وجعلت من الصعب بل من المستحيل محوها من وعي وذاكرة الأجيال المتعاقبة مهما طالت حبال المؤامرات والمخططات والدسائس التي ينسجها ألاعداء والخصوم الذين لايريدون لهذا الشعب العزة والرفعة والسؤدد والازدهار والتقدم.

وربما ان الأجيال التي وُلدت بعد ثورة 26 سبتمبر لم تدرك عظمة هذه الثورة بشكل جليّ كونها لم تعش عهود النظام الإمامي بعنصريته ومظالمه وتخلفه، فجاء الإماميون الجُدد (الحوثيون) ليكونوا النموذج الأسوأ ألمليء بالثقوب السوداء وليظهروا من جديد تلك الصورة القاتمة لمرحلة الإمامة المقيتة المدججة بالخرافات والأساطير والمعتنقة لثقافة القيد والفيد لكننا اليوم بحمدالله نحتفل بسبتمر ونحن أكثر وعياً وإدراكاً لحقيقة ان ذلك النظام الميليشاوي المتخلف دمر كل شيء جميل في بلادنا العزيزة.

واليوم لعلنا نلاحظ بوضوح أنه وكنتيجة للانقلاب الحوثي، أصبحت أجيال ما بعد الثورة تشعر بعظمة تلك التضحيات المتمثلة في العديد من قوافل الشهداء الذين سجلوا بيقينهم الثوري أحرفا ناصعة من نور تؤكد لنا وتذكرنا بان عجلة التاريخ لايمكن ان تعود الى الوراء وان الماضي برواسبه وعُقده وشياطينه مهزوم لامحاله وان الغلبة والنصر مكتوبان فقط في القرن الواحد والعشرين لرواد المستقبل وطلائع التنوير والتبشير بغد مشرق .

في الختام اود مجددا ان اتوجه بخالص التهاني واصدق التبريكات للقيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة ولشعبنا اليمني الأبي والاخوة اعضاء السفارة وملحقياتها وافراد الجالية اليمنية في جمهورية مصر العربية الشقيقة .

كما ولا يفوتني في هذه المناسبة الكريمة ان اعرب عن جزيل الشكر وعميق العرفان والامتنان لمصر العروبة .. مصر القائد العربي الخالد جمال عبد الناصر والشعب المصري الشقيق الذين وقفوا ببسالة الى جانب الشعب اليمني وثورته السبتمبرية حيث تعمدت وتجذرت علاقات الشعبين الشقيقين بالدماء الزكية والأرواح الشهيدة الطاهرة ليس ذلك فحسب وانما سنظل نتذكر الجيوش المصرية البيضاء التي حملت مشاعل المعرفة والتنوير على مدى عقود طويلة للقضاء على الجهل والمرض والتخلف وما تزال.

والشكر مع جزيل الثناء موصولان ومستحقان للاخوة الاشقاء في مصر بقيادة فخامة السيد المشير عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على مواقفهم المشرفة والأصيلة الى جانب الشعب اليمني وشرعيته الدستورية ممثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور رئيس الجمهورية وعلى ما يحظى به الاخوة المواطنون اليمنيون في مصر من رعاية اخوية وعناية كريمة على المستويين الرسمي والشعبي خاصة في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها بلادنا . كل عام وبلادنا وشعبنا اليمني الحر بخير . المجد والخلود لثورة سبتمبر واكتوبر المظفرة وشهدائها الميامين الابرار.

شاهد أيضاً

“المستشار بين دور البناء ومعول الهدم”

  سمير السعد من المؤكد أن وجود المستشارين يُعدّ ضرورة حتمية في منظومة اتخاذ القرار …